الْفَصْلِ) خبر عنها والاستفهامان مستعملان في معنى التهويل والتعجيب.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥))
حمل هذه الجملة عن نظائرها الآتية في هذه السورة يقتضي أن تجعل استئنافا لقصد تهديد المشركين الذين يسمعون القرآن ، وتهويل يوم الفصل في نفوسهم ليحذروه ، وهو متصل في المعنى بجملة (إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ) [المرسلات : ٧] اتصال أجزاء النظم ، فموقع جملة (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) ابتداء الكلام ، وموقع جملة (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) [المرسلات : ٨] التأخر ، وإنما قدمت لتؤذن بمعنى الشرط. وقد حصل من تغيير النظم على هذا الوجه أن صارت جملة (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بمنزلة التذييل ، فحصل في هذا النظم أسلوب رائع ، ومعان بدائع. وبعض المفسرين جعل هذه الجملة جواب (إذا) أي يتعلق (إذا) بالاستقرار الذي في الخبر وهو (لِلْمُكَذِّبِينَ). والتقدير : إذا حصل كذا وكذا حلّ الويل للمكذبين وهو كالبيان لقوله : (إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ) ، فيحصل تأكيد الوعيد ، ولا يرد على هذا عروّ الجواب عن الفاء الرابطة للجواب لأن جواب (إذا) جواب صوري ، وإنما هو متعلّق (إذا) عومل معاملة الجواب في المعنى.
ثم إن هذه الجملة صالحة لمعنى الخبرية ولمعنى الإنشاء لأن تركيب (ويل له) يستعمل إنشاء بكثرة.
والويل : أشد السوء والشرّ.
وعلى الوجه الأول يكون المراد بالمكذبين كذبوا بالقرآن ، وعلى الوجه الثاني في معنى الجملة جميع الذين كذبوا الرسل وما جاءوهم به ، وبذلك العموم أفادت الجملة مفاد التذييل ، ويشمل ذلك المشركين الذين كذبوا بالقرآن والبعث إذ هم المقصود من هذه المواعظ وهم الموجه إليهم هذا الكلام ، فخوطبوا بقوله : (إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ).
(أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦))
استئناف بخطاب موجه إلى المشركين الموجودين الذين أنكروا البعث معترض بين أجزاء الكلام المخاطب به أهل الشرك في المحشر.
ويتضمن استدلالا على المشركين الذين في الدنيا ، بأن الله انتقم من الذين كفروا بيوم البعث من الأمم سابقهم ولاحقهم ليحذروا أن يحلّ بهم ما حلّ بأولئك الأولين