بالتخفيف قدرا فهو قادر ، إذا جعل الشيء على مقدار مناسب لما جعل له.
والمعنى : فقدرنا الخلق كقوله تعالى : (مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) [عبس : ١٩] وقوله : (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) [الفرقان : ٢].
والفاء في قوله : (فَقَدَرْنا) للتفريع على قوله : (فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ) ، أي جعلناه في الرحم إلى انتهاء أمد الحمل فقدرنا أطوار خلقكم حتى أخرجناكم أطفالا.
والفاء في (فَنِعْمَ الْقادِرُونَ) للتفريع على (قدّرنا) أي تفريع إنشاء ثناء ، أي فدل تقديرنا على أننا نعم القادرون ، أي كان تقديرنا تقدير أفضل قادر ، وهذا تنويه بذلك الخلق العجيب بالقدرة.
و (الْقادِرُونَ) : اسم فاعل من قدر اللازم إذا كان ذا قدرة وبذلك يكون الكلام تأسيسا لا تأكيدا ، أي فنعم القادرون على الأشياء.
وعلامة الجمع للتعظيم مثل نون (قدّرنا) فإن القدرة لما أتت بما هو مقتضى الحكمة كانت قدرة جديرة بالمدح.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤))
هو نحو ما تقدم في نظيره الموالي هو له.
[٢٥ ـ ٢٧] (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (٢٥) أَحْياءً وَأَمْواتاً (٢٦) وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً (٢٧))
جاء هذا التقرير على سنن سابقيه في عدم العطف لأنه على طريقة التكرير للتوبيخ ، وهو تقرير لهم بما أنعم الله به عليهم من خلق الأرض لهم بما فيها مما فيه منافعهم كما قال تعالى : (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) [النازعات : ٣٣].
ومحلّ الامتنان هو قوله : (أَحْياءً) وأمّا قوله : (وَأَمْواتاً) فتتميم وإدماج.
وكفات : اسم للشيء الذي يكفت فيه ، أي يجمع ويضمّ فيه ، فهو اسم جاء على صيغة الفعال من كفت ، إذا جمع ، ومنه سمي الوعاء : كفاتا ، كما سمي ما يعي الشيء وعاء ، وما يضم الشيء : الضمام.