حال إهمالكم شكرها.
و (ما) مصدرية والمصدر المنسبك في موضع فاعل (قَلِيلاً) لاعتماد (قَلِيلاً) على صاحب حال. و (قَلِيلاً) صفة مشبّهة.
وقد استعمل (قَلِيلاً) في معنى النفي والعدم ، وهذا الإطلاق من ضروب الكناية والاقتصاد في الحكم على طريقة التمليح وتقدم عند قوله تعالى : (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) في [البقرة : ٨٨] وقوله تعالى : (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) في سورة النساء [١٥٥] ، وتقول العرب : هذه أرض قلما تنبت.
(قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤))
إعادة فعل (قُلْ) من قبيل التكرير المشعر بالاهتمام بالغرض المسوقة فيه تلك الأقوال.
والذرء : الإكثار من الموجود ، فهذا أخص من قوله : (هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ) [الملك: ٢٣] أي هو الذي كثّركم على الأرض كقوله : (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها) [هود : ٦١] أي أعمركم إياها.
والقول في صيغة القصر في قوله : (هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ). مثل القول في قوله : (هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ) [الملك : ٢٣] الآية.
وقوله : (وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) أي بعد أن أكثركم في الأرض فهو يزيلكم بموت الأجيال فكني عن الموت بالحشر لأنهم قد علموا أن الحشر الذي أنذروا به لا يكون إلّا بعد البعث والبعث بعد الموت ، فالكناية عن الموت بالحشر بمرتبتين من الملازمة ، وقد أدمج في ذلك تذكيرهم بالموت الذي قد علموا أنه لا بد منه ، وإنذارهم بالبعث والحشر.
فتقديم المعمول في (وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) للاهتمام والرعاية على الفاصلة ، وليس للاختصاص لأنهم لم يكونوا يدعون الحشر أصلا فضلا عن أن يدعوه لغير الله.
[٢٥ ـ ٢٦] (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦))
لما لم تكن لهم معارضة للحجة التي في قوله : (هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ) [الملك : ٢٣] إلى