بالاستفهام الذي في جملة جواب الشرط ، فتقدير الكلام : أرأيتم أنفسكم ناجين من عذاب أليم إن هلكت وهلك من معي ، فهلاكنا لا يدفع عنكم العذاب المعدّ للكافرين.
وأقحم الشرط بين فعل الرؤية وما سدّ مسد مفعوليه.
والفاء في قوله : (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ) [الملك : ٣٠] رابطة لجواب الشرط لأنه لما وقع بعد ما أصله المبتدأ والخبر وهو المفعولان المقدّران رجّح جانب الشرط.
والمعية في قوله : (وَمَنْ مَعِيَ) معية مجازية ، وهي الموافقة والمشاركة في الاعتقاد والدين ، كما في قوله تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) [الفتح: ٢٩] الآية ، أي الذين آمنوا معه ، وقوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) [التحريم : ٨] كما أطلقت على الموافقة في الرأي والفهم في قول أبي هريرة : «أنا مع ابن أخي» ، يعني موافق لأبي سلمة بن عبد الرحمن ، وذلك حين اختلف أبو سلمة وابن عباس في المتوفّى عنها الحامل إذا وضعت حملها قبل مضي عدة الوفاة.
والاستفهام بقوله : (فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ) إلخ إنكاري ، أي لا يجيرهم منه مجير ، أي أظننتم أن تجدوا مجيرا لكم إذا هلكنا فذلك متعذر فما ذا ينفعكم هلاكنا.
والعذاب المذكور هنا ما عبّر عنه بالوعد في الآية قبلها.
وتنكير (عَذابٍ) للتهويل.
والمراد ب (الْكافِرِينَ) جميع الكافرين فيشمل المخاطبين.
والكلام بمنزلة التذييل ، وفيه حذف ، تقديره : من يجيركم من عذاب فإنكم كافرون ولا مجير للكافرين.
وذكر وصف (الْكافِرِينَ) لما فيه من الإيماء إلى علة الحكم لأنه وصف إذا علق به حكم أفاد تعليل ما منه اشتقاق الوصف.
وقرأ الجمهور بفتحة على ياء (أَهْلَكَنِيَ) ، وقرأها حمزة بإسكان الياء.
وقرأ الجمهور ياء (مَعِيَ) بفتحة. وقرأها أبو بكر عن عاصم وحمزة والكسائي بسكون الياء.
(قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٩))