سعيهم ومنها رزقهم.
والموعظة بأن الله قادر على إفساد ذلك النظام فيصبح الناس في كرب وعناء ليتذكروا قيمة النعم بتصور زوالها.
وضرب لهم مثلا في لطفه تعالى بهم بلطفه بالطير في طيرانها.
وآيسهم من التوكل على نصرة الأصنام أو على أن ترزقهم رزقا.
وفظّع لهم حالة الضلال التي ورطوا أنفسهم فيها.
ثم وبّخ المشركين على كفرهم نعمة الله تعالى وعلى وقاحتهم في الاستخفاف بوعيده وأنه وشيك الوقوع بهم.
ووبخهم على استعجالهم موت النبي صلىاللهعليهوسلم ليستريحوا من دعوته.
وأوعدهم بأنهم سيعلمون ضلالهم حين لا ينفعهم العلم ، وأنذرهم بما قد يحلّ بهم من قحط وغيره.
(تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١))
افتتحت السورة بما يدل على منتهى كمال الله تعالى افتتاحا يؤذن بأن ما حوته يحوم حول تنزيه الله تعالى عن النقص الذي افتراه المشركون لمّا نسبوا إليه شركاء في الربوبية والتصرف معه والتعطيل لبعض مراده. ففي هذا الافتتاح براعة الاستهلال كما تقدم في طالع سورة الفرقان.
وفعل (تَبارَكَ) يدل على المبالغة في وفرة الخير ، وهو في مقام الثناء يقتضي العموم بالقرينة ، أي يفيد أن كل وفرة من الكمال ثابتة لله تعالى بحيث لا يتخلف نوع منها عن أن يكون صفة له تعالى.
وصيغة تفاعل إذا أسندت إلى واحد تدل على تكلف فعل ما اشتقت منه نحو تطاول وتغابن ، وترد كناية عن قوة الفعل وشدته مثل : تواصل الحبل.
وهو مشتق من البركة ، وهي زيادة الخير ووفرته ، وتقدمت البركة عند قوله تعالى : (وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ) في [سورة هود : ٤٨].
وتقدم (تَبارَكَ) عند قوله تعالى : (تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) في أول [الأعراف : ٥٤].