[القلم : ٢٦] ، وقوله قبله (فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ).
وإذا أريد بالحرد الغضب والحنق فإنه يقال : حرد بالتحريك وحرد بسكون الراء ويتعلق المجرور ب (قادِرِينَ) وتقديمه للحصر ، أي غدوا لا قدرة لهم إلّا على الحنق والغضب على المساكين لأنهم يقتحمون عليهم جنتهم كل يوم فتحيلوا عليهم بالتبكير إلى جذاذها ، أي لم يقدروا إلّا على الغضب والحنق ولم يقدروا على ما أرادوه من اجتناء ثمر الجنة.
وعن السدي : أن (حَرْدٍ) اسم قريتهم ، أي جنتهم. وأحسب أنه تفسير ملفق وكأنّ صاحبه تصيده من فعلي (اغْدُوا) و (غَدَوْا).
[٢٦ ـ ٣٢] (فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (٢٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٢٧) قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ (٢٨) قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٢٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ (٣٠) الُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ (٣١) عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ (٣٢))
أي استفاقوا من غفلتهم ورجعوا على أنفسهم باللائمة على بطرهم وإهمال شكر النعمة التي سيقت إليهم ، وعلموا أنهم أخذوا بسبب ذلك ، قال تعالى : (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الأعراف : ١٦٨]. ومن حكم الشيخ ابن عطاء الله الإسكندري «من لم يشكر النعم فقد تعرّض لزوالها ، ومن شكرها فقد قيّدها بعقالها».
وأفادت (لمّا) اقتران جوابها بشرطها بالفور والبداهة. والمقصود من هذا التعريض للمشركين بأن يكون حالهم في تدارك أمرهم وسرعة إنابتهم كحال أصحاب هذه الجنة إذ بادروا بالندم وسألوا الله عوض خير.
وإسناد هذه المقالة إلى ضمير (أَصْحابَ الْجَنَّةِ) [القلم : ١٧] يقتضي أنهم قالوه جميعا ، أي اتفقوا على إدراك سبب ما أصابهم.
ومعنى (إِنَّا لَضَالُّونَ) أنهم علموا أنهم كانوا في ضلال أي عن طريق الشكر ، أي كانوا غير مهتدين وهو كناية عن كون ما أصابهم عقابا على إهمال الشكر ، فالضلال مجاز.
وأكّدوا الكلام لتنزيل أنفسهم منزلة من يشك في أنهم ضالون طريق الخير لقرب عهدهم بالغفلة عن ضلالهم ففيه إيذان بالتحسر والتندم.