وإنما تغير الضمير إلى ضمير الخطاب تبعا لتغير توجيه الكلام ، لأن شرط الالتفات أن يتغير الضمير في سياق واحد.
و (ما لَكُمْ) استفهام إنكاري لحالة حكمهم ، ف (ما لَكُمْ) مبتدأ وخبر وقد تقدم في قوله تعالى : (قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ) في سورة البقرة [٢٤٦].
و (كَيْفَ تَحْكُمُونَ) استفهام إنكاري ثان في موضع الحال من ضمير (لَكُمْ) ، أي انتفى أن يكون لكم شيء في حال حكمكم ، أي فإن ثبت لهم كان منكرا باعتبار حالة حكمهم.
والمعنى : لا تحكمون أنكم مساوون للمسلمين في جزاء الآخرة أو مفضلون عليهم.
[٣٧ ـ ٣٨] (أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (٣٧) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ (٣٨))
إضراب انتقال من توبيخ إلى احتجاج على كذبهم.
والاستفهام المقدر مع (أَمْ) إنكار لأن يكون لهم كتاب إنكارا مبنيا على الفرض وإن كانوا لم يدّعوه.
وحاصل هذا الانتقال والانتقالات الثلاثة بعده وهي (أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا) [القلم: ٣٩] إلخ ، (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ) [القلم : ٤٠] (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ) [القلم : ٤١] إلخ أن حكمكم هذا لا يخلو من أن يكون سنده كتابا سماويا نزل من لدنا ، وإما أن يكون سنده عهدا منا بأنا نعطيكم ما تقترحون ، وإما أن يكون لكم كفيل علينا ، وأما أن يكون تعويلا على نصر شركائكم.
وتقديم (لَكُمْ) على المبتدأ وهو (كِتابٌ) لأن المبتدأ نكرة وتنكيره مقصود للنوعية فكان تقديم الخبر لازما.
وضمير (فِيهِ) عائد إلى الحكم المفاد من قوله : (كَيْفَ تَحْكُمُونَ) [القلم : ٣٦] ، أي كتاب في الحكم.
و (في) للتعليل أو الظرفية المجازية كما تقول ورد كتاب في الأمر بكذا أو في النهي عن كذا فيكون (فِيهِ) ظرفا مستقرا صفة ل (كِتابٌ). ويجوز أن يكون الضمير عائدا إلى (كِتابٌ) ويتعلق المجرور بفعل (تَدْرُسُونَ) جعلت الدراسة العميقة بمزيد التبصر في ما يتضمنه الكتاب بمنزلة الشيء المظروف في الكتاب كما تقول : لنا درس في كتاب سيبويه.