تعالى : (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) إلى قوله : (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ) [القمر : ٦ ـ ٨] ، أو يدعو بعضهم بعضا بإلهام من الله تعالى ، وهو نظير الدعوة إلى الشفاعة في الأثر المروي «فيقول بعضهم لبعض : لو استشفعنا إلى ربّنا حتى يريحنا من موقفنا هذا».
وخشوع الأبصار : هيئة النظر بالعين بذلة وخوف ، استعير له وصف (خاشِعَةً) لأن الخاشع يكون مطأطئا مختفيا.
و (تَرْهَقُهُمْ) : تحل بهم وتقترب منهم بحرص على التمكن منهم ، رهق من باب فرح قال تعالى : (تَرْهَقُها قَتَرَةٌ) [عبس : ٤١].
وجملة (تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) حال ثانية من ضمير (يَسْتَطِيعُونَ).
وجملة (وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ) معترضة بين ما قبلها وما تفرع عنها ، أي كانوا في الدّنيا يدعون إلى السجود لله وحده وهم سالمون من مثل الحالة التي هم عليها في يوم الحشر. والواو للحال وللاعتراض.
وجملة (وَهُمْ سالِمُونَ) حال من ضمير (يُدْعَوْنَ) أي وهم قادرون لا علة تعوقهم عنه في أجسادهم. والسلامة : انتفاء العلل والأمراض بخلاف حالهم يوم القيامة فإنهم ملجئون لعدم السجود.
[٤٤ ـ ٤٥] (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥))
الفاء لتفريع الكلام الذي عطفته على الكلام الذي قبله لكون الكلام الأول سببا في ذكر ما بعده ، فبعد أن استوفي الغرض من موعظتهم ووعيدهم وتزييف أوهامهم أعقب بهذا الاعتراض تسلية للرسول صلىاللهعليهوسلم بأن الله تكفل بالانتصاف من المكذبين ونصره عليهم.
وقوله : (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ) ونحوه يفيد تمثيلا لحال مفعول (ذر) في تعهده بأن يكفي مئونة شيء دون استعانة بصاحب المئونة بحال من يرى المخاطب قد شرع في الانتصار لنفسه ورأى أنه لا يبلغ بذلك مبلغ مفعول (ذر) لأنه أقدر من المعتدى عليه في الانتصاف من المعتدي فيتفرغ له ولا يطلب من صاحب الحق إعانة له على أخذ حقه ، ولذلك يؤتى بفعل يدل على طلب الترك ويؤتى بعده بمفعول معه ومنه قوله تعالى : (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ) [المزمل : ١١] (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) [المدثر : ١١] وقال السهيلي في