[٤ ـ ٦] (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦))
استئناف ناشئ عن الوعيد والتقريع لهم بالويل على التطفيف وما وصفوا به من الاعتداء على حقوق المبتاعين.
والهمزة للاستفهام التعجيبي بحيث يسأل السائل عن عملهم بالبعث ، وهذا يرجح أن الخطاب في قوله : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) [المطففين : ١] موجه إلى المسلمين. ويرجع الإنكار والتعجيب من ذلك إلى إنكار ما سيق هذا لأجله وهو فعل التطفيف. فأما المسلمون الخلص فلا شك أنهم انتهوا عن التطفيف بخلاف المنافقين.
والظن : مستعمل في معناه الحقيقي المشهور وهو اعتقاد وقوع الشيء اعتقادا راجحا على طريقة قوله تعالى : (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) [الجاثية : ٣٢].
وفي العدول عن الإضمار إلى اسم الإشارة في قوله : (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ) لقصد تمييزهم وتشهير ذكرهم في مقام الذم ، ولأنّ الإشارة إليهم بعد وصفهم ب «المطففين» تؤذن بأن الوصف ملحوظ في الإشارة فيؤذن ذلك بتعليل الإنكار.
واللام في قوله : (لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) لام التوقيت مثل (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) [الإسراء : ٧٨].
وفائدة لام التوقيت إدماج الرد على شبهتهم الحاملة لهم على إنكار البعث باعتقادهم أنه لو كان بعث لبعثت أموات القرون الغابرة ، فأوما قوله (لِيَوْمٍ) أن للبعث وقتا معينا يقع عنده لا قبله.
ووصف يوم ب (عَظِيمٍ) باعتبار عظمة ما يقع فيه من الأهوال ، فهو وصف مجازي عقلي.
و (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) بدل من «يوم عظيم» بدلا مطابقا وفتحته فتحة بناء مثل ما تقدم في قوله تعالى : (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً) في سورة الانفطار [١٩] على قراءة الجمهور ذلك بالفتح.
ومعنى (يَقُومُ النَّاسُ) أنهم يكونون قياما ، فالتعبير بالمضارع لاستحضار الحالة.
واللام في (لِرَبِّ الْعالَمِينَ) للأجل ، أي لأجل ربوبيته وتلقي حكمه.