والتعبير عن الله تعالى بوصف «رب العالمين» لاستحضار عظمته بأنه مالك أصناف المخلوقات.
واللام في (الْعالَمِينَ) للاستغراق كما تقدم في سورة الفاتحة.
قال في «الكشاف» «وفي هذا الإنكار ، والتعجيب ، وكلمة الظن ، ووصف اليوم بالعظيم ، وقيام الناس فيه الله خاضعين ، ووصف ذاته ب «رب العالمين» بيان بليغ لعظيم الذنب وتفاقم الإثم في التطفيف وفيما كان مثل حاله من الحيف وترك القيام بالقسط والعمل على السوية» ا ه.
ولما كان الحامل لهم على التطفيف احتقارهم أهل الجلب من أهل البوادي فلا يقيمون لهم ما هو شعار العدل والمساواة ، كان التطفيف لذلك منبئا عن إثم احتقار الحقوق ، وذلك قد صار خلقا لهم حتى تخلقوا بمكابرة دعاة الحق ، وقد أشار إلى هذا التنويه به قوله تعالى : (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) [الرحمن : ٧ ـ ٩] وقوله حكاية عن شعيب : (وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) [الشعراء : ١٨٢ ، ١٨٣] [٧ ـ ٩] (كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧) وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ (٨) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٩))
(كَلَّا).
إبطال وردع لما تضمنته جملة : (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ) [المطففين : ٤] من التعجيب من فعلهم التطفيف ، والمعنى : كلا بل هم مبعوثون لذلك اليوم العظيم ولتلقي قضاء رب العالمين فهي جواب عما تقدم.
(إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧) وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ (٨) كِتابٌ مَرْقُومٌ) استئناف ابتدائي بمناسبة ذكر يوم القيامة. وهو تعريض بالتهديد للمطففين بأن يكون عملهم موجبا كتبه في كتاب الفجار.
و (الفُجَّارِ) غلب على المشركين ومن عسى أن يكون متلبسا بالتطفيف بعد سماع النهي عنه من المسلمين الذي ربما كان بعضهم يفعله في الجاهلية.