وهو انقداح زناد يحتاج في تنوّره إلى أعواد.
فإمّا أن نجعل ما قبله متصلا بالكلام الذي يقال لهم يوم القيامة ابتداء من قوله : (ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) [المطففين : ١٧] إلى هنا كما تقدم.
وإمّا أن يجعل قوله : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا) إلخ مقول قول محذوف دل عليه قوله في الآية قبله : (ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) والتقدير : يقال لهم اليوم الذين آمنوا يضحكون منكم.
وقدم المسند إليه على المسند الفعلي في قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) دون أن يقال : فاليوم يضحك الذين آمنوا ، لإفادة الحصر وهو قصر إضافي في مقابلة قوله : (كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ) أي زال استهزاء المشركين بالمؤمنين فاليوم المؤمنون يضحكون من الكفار دون العكس.
وتقديم (مِنَ الْكُفَّارِ) على متعلّقه وهو (يَضْحَكُونَ) للاهتمام بالمضحوك منهم تعجيلا لإساءتهم عند سماع هذا التقريع.
وقوله : (مِنَ الْكُفَّارِ) إظهار في مقام الإضمار ، عدل عن أن يقال : منهم يضحكون ، لما في الوصف المظهر من الذم للكفار.
ومفعول (يَنْظُرُونَ) محذوف دل عليه قوله : (مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) تقديره : ينظرونهم ، أي يشاهدون المشركين في العذاب والإهانة.
(هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦))
فذلكة لما حكي من اعتداء المشركين على المؤمنين وما ترتب عليه من الجزاء يوم القيامة ، فالمعنى فقد جوزي الكفار بما كانوا يفعلون وهذا من تمام النداء الذي يعلق به يوم القيامة.
والاستفهام ب (هَلْ) تقريري وتعجيب من عدم إفلاتهم منه بعد دهور.
والاستفهام من قبيل الطلب فهو من أنواع الخطاب.
والخطاب بهذا الاستفهام موجه إلى غير معيّن بل إلى كل من يسمع ذلك النداء يوم القيامة. وهذا من مقول القول المحذوف.