وقوله : (وَأَلْقَتْ ما فِيها) صالح للحمل على ما يناسب هذه الاحتمالات في مدّ الأرض ومحتمل لأن تنقذف من باطن الأرض أجزاء أخرى يكون لانقذافها أثر في إتلاف الموجودات مثل البراكين واندفاع الصخور العظيمة وانفجار العيون إلى ظاهر الأرض فيكون طوفان.
(وَتَخَلَّتْ) أي أخرجت ما في باطنها فلما يبق منه شيء لأن فعل تخلّى يدل على قوة الخلوّ عن شيء لما في مادة التفعل من الدلالة على تكلف الفعل كما يقال تكرم فلان إذا بالغ في الإكرام.
والمعنى : إنه لم يبق مما في باطن الأرض شيء كما قال تعالى : (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) [الزلزلة : ٢].
وتقدم الكلام على نظير قوله : (وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) آنفا.
وجملة : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ) إلى آخره جواب (إِذَا) باعتبار ما فرع عليه من قوله : (فَمُلاقِيهِ) ونسب هذا إلى المبرد ، أي لأن المعطوف الأخير بالفاء في الأخبار هو المقصود مما ذكر معه.
فالمعنى : إذا السماء انشقت وإذا الأرض مدّت لاقيت ربك أيها الإنسان بعد كدحك لملاقاته فكان قوله : (إِنَّكَ كادِحٌ) إدماجا بمنزلة الاعتراض أمام المقصود.
وجوز المبرد أن يكون جواب (إِذَا) محذوفا دل عليه قوله : (فَمُلاقِيهِ) والتقدير : إذا السماء انشقت إلى آخره لاقيت أيها الإنسان ربك.
وجوز الفرّاء أن يكون جواب (إِذَا) قوله (وَأَذِنَتْ لِرَبِّها) وإن الواو زائدة في الجواب. ورده ابن الأنباري بأن العرب لا تقحم الواو إلا إذا كانت (إِذا) بعد (حتى) كقوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) [الزمر : ٧٣] أو بعد (لما) كقوله تعالى : (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ) [الصافات : ١٠٣ ، ١٠٤] الآية.
وقيل : الجواب : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) [الانشقاق : ٧] ، ونسب إلى الكسائي واستحسنه أبو جعفر النحاس.
والخطاب لجميع الناس فاللام في قوله : (الْإِنْسانُ) لتعريف الجنس وهو للاستغراق