ذلك تجريدا للاستعارة لأن الفوقية لا تختص بالمبنيّات ، مع ما فيه من تنبيه النفوس للاعتبار والنظر في تلك السبع الشداد.
والمراد بالسبع الشداد : السماوات ، فهو من ذكر الصفة وحذف الموصوف للعلم به كقوله تعالى : (حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ) [الحاقة : ١١] ، ولذلك جاء الوصف باسم العدد المؤنث إذ التقدير : سبع سماوات.
فيجوز أن يراد بالسبع الكواكب السبعة المشهورة بين الناس يومئذ وهي : زحل ، والمشتري ، والمريخ ، والشمس ، والزّهرة ، وعطارد ، والقمر. وهذا ترتيبها بحسب ارتفاع بعضها فوق بعض بما دل عليه خسوف بعضها ببعض حين يحول بينه وبين ضوء الشمس التي تكتسب بقية الكواكب النور من شعاع الشمس.
وهذا المحمل هو الأظهر لأن العبرة بها أظهر لأن المخاطبين لا يرون السماوات السبع ويرون هذه السيارات ويعهدونها دون غيرها من السيارات التي اكتشفها علماء الفلك من بعد. وهي (ستّورن) و (نبتون) و (أورانوس) وهي في علم الله تعالى لا محالة لقوله : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ) [الملك : ١٤] وأن الله لا يقول إلا حقا وصدقا ويقرّب للناس المعاني بقدر أفهامهم رحمة بهم.
فأما الأرض فقد عدت أخيرا في الكواكب السيارة وحذف القمر من الكواكب لتبيّن أن حركته تابعة لحركة الأرض إلا أن هذا لا دخل له في الاستدلال لأن الاستدلال وقع بما هو معلوم مسلم يومئذ والكل من صنع الله.
ويجوز أن يراد بالسماوات السبع طبقات علوية يعلمها الله تعالى وقد اقتنع الناس منذ القدم بأنها سبع سماوات.
وشداد : جمع شديدة ، وهي الموصوفة بالشدة ، والشدة : القوة.
والمعنى : أنها متينة الخلق قوية الأجرام لا يختل أمرها ولا تنقص على مرّ الأزمان.
(وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً (١٣))
ذكر السماوات يناسبه ذكر أعظم ما يشاهده الناس في فضائها وذلك الشمس ، ففي ذلك مع العبرة بخلقها عبرة في كونها على تلك الصفة ومنّة على الناس باستفادتهم من