المسلمون النعيم الأبدي والنصر.
والتعريض للمسلمين بكرامتهم عند الله تعالى.
وضرب المثل بقوم فرعون وبثمود وكيف كانت عاقبة أمرهم ما كذّبوا الرسل ، فحصلت العبرة للمشركين في فتنهم المسلمين ، وفي تكذيبهم الرسول صلىاللهعليهوسلم والتنويه بشأن القرآن.
[١ ـ ٩] (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (١) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢) وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (٣) قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩))
في افتتاح السورة بهذا القسم تشويق إلى ما يرد بعده وإشعار بأهمية المقسم عليه ، وهو مع ذلك يلفت ألباب السّامعين إلى الأمور المقسم بها ، لأن بعضها من دلائل عظيم القدرة الإلهية المقتضية تفرد الله تعالى بالإلهية وإبطال الشريك ، وبعضها مذكّر بيوم البعث الموعود ، ورمز إلى تحقيق وقوعه ، إذ القسم لا يكون إلا بشيء ثابت الوقوع وبعضها بما فيه من الإبهام يوجّه أنفس السامعين إلى تطلب بيانه.
ومناسبة القسم لما أقسم عليه أن المقسم عليه تضمن العبرة بقصة أصحاب الأخدود ولما كانت الأخاديد خطوطا مجعولة في الأرض مستعرة بالنار أقسم على ما تضمنها بالسماء بقيد صفة من صفاتها التي يلوح فيها للناظرين في نجومها ما سماه العرب بروجا وهي تشبه دارات متلألئة بأنوار النجوم اللامعة الشبيهة بتلهب النار.
والقسم بالسماء بوصف ذات البروج يتضمن قسما بالأمرين معا لتلتفت أفكار المتدبرين إلى ما في هذه المخلوقات وهذه الأحوال من دلالة على عظيم القدرة وسعة العلم الإلهي إذ خلقها على تلك المقادير المضبوطة لينتفع بها الناس في مواقيت الأشهر والفصل. كما قال تعالى في نحو هذا : (ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [المائدة : ٩٧].
وأما مناسبة القسم باليوم الموعود فلأنه يوم القيامة باتفاق أهل التأويل لأن الله وعد بوقوعه قال تعالى : (ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) [المعارج : ٤٤] مع ما في القسم به من