نورها فوائد جمة.
والسراج : حقيقته المصباح الذي يستضاء به وهو إناء يجعل فيه زيت وفي الزيت خرقة مفتولة تسمى الذّبالة تشعل بنار فتضيء ما دام فيها بلل الزيت.
والكلام على التشبيه البليغ والغرض من التشبيه تقريب صفة المشبّه إلى الأذهان كما تقدم في سورة نوح.
وزيد ذلك التقريب بوصف السراج بالوهّاج ، أي الشديد السّنا.
والوهاج : أصله الشديد الوهج (بفتح الواو وفتح الهاء ، ويقال : بفتح الواو وسكون الهاء) وهو الاتقاد يقال : وهجت النار إذا اضطرمت اضطراما شديدا.
ويطلق الوهاج على المتلألئ المضيء وهو المراد هنا لأن وصف وهاج أجري على سراج ، أي سراجا شديد الإضاءة ، ولا يقال : سراج ملتهب.
قال الراغب : الوهج حصول الضوء والحرّ من النار. وفي «الأساس» عدّ قولهم : سراج وهاج في قسم الحقيقة. وعليه جرى قوله في «الكشاف» : «متلألئا وقّادا. وتوهجت النار ، إذ تلمظت فتوهجت بضوئها وحرّها» فإذن يكون التعبير عن الشمس بالسراج في هذه الآية هو موقع التشبيه.
ولذلك أوثر فعل : (جَعَلْنا) دون : خلقنا ، لأن كونها سراجا وهّاجا حالة من أحوالها وإنما يعلق فعل الخلق بالذوات.
فالمعنى : وجعلنا لكم سراجا وهّاجا أو وجعلنا في السبع الشداد سراجا وهّاجا على نحو قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) [نوح : ١٥ ، ١٦] وقوله : (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً) [الفرقان : ٦١] سواء قدّرت ضمير (فِيها) عائدا إلى (السَّماءِ) أو إلى (البروج) لأن البروج هي بروج السماء.
وقوله : (سِراجاً) اسم جنس فقد يراد به الواحد من ذلك الجنس فيحتمل أن يراد الشمس أو القمر.
[١٤ ـ ١٦] (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً (١٤) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً (١٦))