وضرب المثل للمشركين بقوم فرعون لأنهم أكبر أمة تألبت على رسول من رسل الله بعثه الله لإعتاق بني إسرائيل من ذل العبودية لفرعون ، وناووه لأنه دعا إلى عبادة الرب الحق فغاظ ذلك فرعون الزاعم أنه إله القبط وابن آلهتهم.
وتخصيص ثمود بالذكر من بقية الأمم التي كذّبت الرسل من العرب مثل عاد وقوم تبّع ، ومن غيرهم مثل قوم نوح وقوم شعيب. لما اقتضته الفاصلة السابعة الجارية على حرف الدال من قوله : (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) [البروج : ١٢] فإن ذلك لما استقامت به الفاصلة ولم يكن في ذكره تكلف كان من محاسن نظم الكلام إيثاره.
وتقدم ذكر ثمود عند قوله تعالى : (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً) في سورة الأعراف [٧٣]. وهو اسم عربي ولكن يطلق على القبيلة التي ينتهي نسبها إليه فيمنع من الصرف بتأويل القبيلة كما هنا.
[١٩ ، ٢٠] (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩) وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ (٢٠))
إضراب انتقالي إلى إعراضهم عن الاعتبار بحال الأمم الذين كذبوا الرسل وهو أنهم مستمرون على التكذيب منغمسون فيه انغماس المظروف في الظرف فجعل تمكن التكذيب من نفوسهم كتمكن الظرف بالمظروف.
وفيه إشارة إلى أن إحاطة التكذيب بهم إحاطة الظرف بالمظروف لا يترك لتذكر ما حل بأمثالهم من الأمم مسلكا لعقولهم ، ولهذا لم يقل بل الذين كفروا يكذبون كما قال في سورة الانشقاق.
وحذف متعلّق التكذيب لظهوره من المقام إذ التقدير : أنهم في تكذيب بالنبيءصلىاللهعليهوسلم وبالوحي المنزل إليه وبالبعث.
وجملة : (وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) عطف على جملة : (الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ) ، أي هم متمكنون من التكذيب والله يسلط عليهم عقابا لا يفلتون منه. فقوله : (وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) تمثيل لحال انتظار العذاب إياهم وهم في غفلة عنه بحال من أحاط به العدوّ من ورائه وهو لا يعلم حتى إذا رام الفرار والإفلات وجد العدوّ محيطا به ، وليس المراد هنا إحاطة علمه تعالى بتكذيبهم إذ ليس له كبير جدوى.
وقد قوبل جزاء إحاطة التكذيب بهم بإحاطة العذاب بهم جزاء وفاقا فقوله : (وَاللهُ