مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) خبر مستعمل في الوعيد والتهديد.
[٢١ ، ٢٢] (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (٢٢))
إضراب إبطال لتكذيبهم لأن القرآن جاءهم بدلائل بيّنة فاستمرارهم على التكذيب ناشئ عن سوء اعتقادهم صدق القرآن إذ وصفوه بصفات النقص من قولهم : أساطير الأولين ، إفك مفترى ، قول كاهن ، قول شاعر ، فكان التنويه به جامعا لإبطال جميع ترهاتهم على طريقة الإيجاز.
و (قُرْآنٌ) : مصدر قرأ على وزن فعلان الدال على كثرة المعنى مثل الشكران والقربان. وهو من القراءة وهي تلاوة كلام صدر في زمن سابق لوقت تلاوة تاليه بمثل ما تكلم به متكلمه سواء كان مكتوبا في صحيفة أم كان ملقّنا لتاليه بحيث لا يخالف أصله ولو كان أصله كلام تاليه ولذلك لا يقال لنقل كلام أنه قراءة إلا إذا كان كلاما مكتوبا أو محفوظا.
وكلما جاء (قُرْآنٍ) منكرا فهو مصدر وأما اسم كتاب الإسلام فهو بالتعريف باللام لأنه علم بالغلبة.
فالإخبار عن الوحي المنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم باسم قرآن إشارة عرفية إلى أنه موحى به تعريض بإبطال ما اختلقه المكذبون : أنه أساطير الأولين أو قول كاهن أو نحو ذلك.
ووصف (قُرْآنٌ) صفة أخرى بأنه مودع في لوح.
واللوح : قطعة من خشب مستوية تتخذ ليكتب فيها.
وسوق وصف (فِي لَوْحٍ) مساق التنويه بالقرآن وباللوح ، يعيّن أن اللوح كائن قدسي من كائنات العالم العلوي المغيّبات ، وليس في الآية أكثر من أن اللوح أودع فيه القرآن ، فجعل الله القرآن مكتوبا في لوح علويّ كما جعل التوراة مكتوبة في ألواح وأعطاها موسى عليهالسلام فقال : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) [الأعراف : ١٤٥] وقال : (وَأَلْقَى الْأَلْواحَ) [الأعراف : ١٥٠] وقال : (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ) [الأعراف : ١٥٤] ، وأما لوح القرآن فجعله محفوظا في العالم العلوي.
وبعض علماء الكلام فسّروا اللّوح بموجود سجلت فيه جميع المخلوقات مجتمعة ومجملة ، وسموا ذلك بالكتاب المبين ، وسموا تسجيل المخلوقات فيه بالقضاء ، وسموا