وأدمج في ذلك التذكير بدقيق صنع الله وحكمته في خلق الإنسان.
والتنويه بشأن القرآن.
وصدق ما ذكر فيه من البعث لأن إخبار القرآن به لمّا استبعدوه وموّهوا على الناس بأن ما فيه غير صدق. وتهديد المشركين الذين ناوءوا المسلمين.
وتثبيت النبي صلىاللهعليهوسلم ووعده بأن الله منتصر له غير بعيد.
[١ ـ ٤] (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (١) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (٤))
افتتاح السورة بالقسم تحقيق لما يقسم عليه وتشويق إليه كما تقدم في سوابقها. ووقع القسم بمخلوقين عظيمين فيهما دلالة على عظيم قدرة خالقهما هما : السماء ، والنجوم ، أو نجم منها عظيم منها معروف ، أو ما يبدو انقضاضه من الشهب كما سيأتي.
و (الطَّارِقِ) : وصف مشتق من الطروق ، وهو المجيء ليلا لأن عادة العرب أن النازل بالحي ليلا يطرق شيئا من حجر أو وتد إشعارا لرب البيت أن نزيلا نزل به لأن نزوله يقضي بأن يضيفوه ، فأطلق الطروق على النزول ليلا مجازا مرسلا فغلب الطروق على القدوم ليلا.
وأبهم الموصوف بالطارق ابتداء ، ثم زيد إبهاما مشوبا بتعظيم أمره بقوله : (وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ) ثم بين بأنه : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) ليحصل من ذلك مزيد تقرر للمراد بالمقسم به وهو أنه من جنس النجوم ، شبه طلوع النجم ليلا بطروق المسافر الطارق بيتا بجامع كونه ظهورا في الليل.
و (ما أَدْراكَ) استفهام مستعمل في تعظيم الأمر ، وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) في سورة الشورى [١٧] ، وعند قوله : (وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ) [الحاقة : ٣] وتقدم الفرق بين : ما يدريك ، وما أدراك.
وقوله : (النَّجْمُ) خبر عن ضمير محذوف تقديره : هو ، أي الطارق النجم الثاقب.
والثقب : خرق شيء ملتئم ، وهو هنا مستعار لظهور النور في خلال ظلمة الليل. شبه النجم بمسمار أو نحوه ، وظهور ضوئه بظهور ما يبدو من المسمار من خلال الجسم الذي يثقبه مثل لوح أو ثوب.