قرأ : (نُنْسِها) في سورة البقرة [١٠٦].
النوع الثاني : ما يعرض نسيانه للنبي صلىاللهعليهوسلم نسيانا موقتا كشأن عوارض الحافظة البشرية ثم يقيض الله له ما يذكره به.
ففي «صحيح البخاري» عن عائشة قالت : «سمع النبي صلىاللهعليهوسلم رجلا يقرأ من الليل بالمسجد فقال : يرحمهالله لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتهن أو كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا ، وفيه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أسقط آية في قراءته في الصلاة فسأله أبيّ بن كعب أنسخت؟ فقال : «نسيتها».
وليس قوله : (فَلا تَنْسى) من الخبر المستعمل في النهي عن النسيان لأن النسيان لا يدخل تحت التكليف ، أمّا إنه ليست (لا) فيه ناهية فظاهر ومن زعمه تعسف لتعليل كتابة الألف في آخره.
وجملة : (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى) معترضة وهي تعليل لجملة : (فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللهُ) فإن مضمون تلك الجملة ضمان الله لرسوله صلىاللهعليهوسلم ، حفظ القرآن من النقص العارض.
ومناسبة الجهر وما يخفى أن ما يقرؤه الرسول صلىاللهعليهوسلم من القرآن هو من قبيل الجهر فالله يعلمه ، وما ينساه فيسقطه من القرآن هو من قبيل الخفيّ فيعلم الله أنه اختفى في حافظته حين القراءة فلم يبرز إلى النطق به.
(وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (٨))
عطف على (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) [الأعلى : ٦]. وجملة (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى) [الأعلى : ٧] معترضة كما علمت. وهذا العطف من عطف الأعم على الأخص في المآل وإن كان مفهوم الجملة السابقة مغايرا لمفهوم التيسير لأن مفهومها الحفظ والصيانة ومفهوم المعطوفة تيسير الخير له.
والتيسير : جعل العمل يسيرا على عامله.
ومفعول فعل التيسير هو الشيء الذي يجعل يسيرا ، أي غير صعب ويذكر مع المفعول الشيء المجعول الفعل يسيرا لأجله مجرورا باللام كقوله تعالى : (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) [طه : ٢٦].
واليسرى : مؤنث الأيسر ، وصيغة فعلى تدل على قوة الوصف لأنها مؤنث أفعل.