و (الْإِبِلِ) : اسم جمع للبعران لا واحد له من لفظه ، وقد تقدم في قوله تعالى : (وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما) في سورة الأنعام [١٤٦].
وعن المبرد أنه فسر الإبل في هذه الآية بالأسحبة وتأوّله الزمخشري بأنه لم يرد أن الإبل من أسماء السحاب ولكنه أراد أنه من قبيل التشبيه» ، أي هو على نحو قول عنترة :
جادت عليه كل بكر حرّة |
|
فتركن كل قرارة كالدرهم |
ونقل بهم إلى التدبر في عظيم خلق السماء إذ هم ينظرونها نهارهم وليلهم في إقامتهم وظعنهم ، يرقبون أنواء المطر ويشيمون لمع البروق ، فقد عرف العرب بأنهم بنو ماء السماء ، قال زيادة الحارثي (على تردد لشراح الحماسة في تأويل قوله ، بنو ماء السماء) :
ونحن بنو ماء السماء فلا نرى |
|
لأنفسنا من دون مملكة قصر |
وفي كلام أبي هريرة وقد ذكر قصة هاجر فقال أبو هريرة في آخرها : «إنها لأمّكم يا بني ماء السماء» ويتعرفون من النجوم ومنازل الشمس أوقات الليل والنهار ووجهة السير.
وأتبع ذكر السماء بذكر الجبال وكانت الجبال منازل لكثير منهم مثل جبلي أجإ وسلمى لطي. وينزلون سفوحها ليكونوا أقرب إلى الاعتصام بها عند الخوف ويتخذون فيها مراقب للحراسة.
والنصب : الرفع أي كيف رفعت وهي مع ارتفاعها ثابتة راسخة لا تميل.
وثم نزل بأنظارهم إلى الأرض وهي تحت أقدامهم وهي مرعاهم ومفترشهم ، وقد سطحها الله ، أي خلقها ممهدة للمشي والجلوس والاضطجاع. ومعنى (سُطِحَتْ) : سويت يقال : سطح الشيء إذا سوّاه ومنه سطح الدار.
والمراد بالأرض أرض كل قوم لا مجموع الكرة الأرضية.
وبنيت الأفعال الأربعة إلى المجهول للعلم بفاعل ذلك.
[٢١ ـ ٢٤] (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ (٢٤))
الفاء فصيحة تفريع على محصّل ما سبق من أول السورة الذي هو التذكير بالغاشية وما اتصل به من ذكر إعراضهم وإنذارهم ، رتب على ذلك أمر الله رسوله صلىاللهعليهوسلم بالدوام على