و (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) بدل من (يَوْمَ الْفَصْلِ)
وأضيف (يَوْمَ) إلى جملة (يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) فانتصب (يَوْمَ) على الظرفية وفتحته فتحة إعراب لأنه أضيف إلى جملة أولها معرب وهو المضارع.
وفائدة هذا البدل حصول التفصيل لبعض أحوال الفصل وبعض أهوال يوم الفصل.
والصّور : البوق ، وهو قرن ثور فارغ الوسط مضيق بعض فراغه ويتخذ من الخشب أو من النحاس ، ينفخ فيه النافخ فيخرج منه الصوت قويا لنداء الناس إلى الاجتماع ، وأكثر ما ينادى به الجيش والجموع المنتشرة لتجتمع إلى عمل يريده الآمر بالنفخ.
وبني (يُنْفَخُ) إلى النائب لعدم تعلق الغرض بمعرفة النافخ وإنما الغرض معرفة هذا الحادث العظيم وصورة حصوله.
والنفخ في الصور يجوز أن يكون تمثيلا لهيئة دعاء الناس وبعثهم إلى الحشر بهيئة جمع الجيش المتفرق لراحة أو تتبع عدوّ فلا يلبثون أن يتجمّعوا عند مقر أميرهم.
ويجوز أن يكون نفخ يحصل به الإحياء لا تعلم صفته فإن أحوال الآخرة ليست على أحوال الدنيا ، فيكون النفخ هذا معبّرا به عن أمر التكوين الخاص وهو تكوين الأجساد بعد بلاها وبثّ أرواحها في بقاياها. وقد ورد في الآثار أن الملك الموكّل بهذا النفخ هو إسرافيل ، وقد تقدم ذكر ذلك غير مرة.
وعطف (تأتون) بالفاء لإفادة تعقيب النفخ بمجيئهم إلى الحساب.
والإتيان : الحضور بالمكان الذي يمشي إليه الماشي فالإتيان هو الحصول.
وحذف ما يحصل بين النفخ في الصور وبين حضورهم لزيادة الإيذان بسرعة حصور الإتيان حتّى كأنه يحصل عند النفخ في الصور وإن كان المعنى : ينفخ في الصور فتحيون فتسيرون فتأتون.
و (أَفْواجاً) حال من ضمير (فَتَأْتُونَ) ، والأفواج : جمع فوج بفتح الفاء وسكون الواو ، والفوج : الجماعة المتصاحبة من أناس مقسّمين باختلاف الأغراض ، فتكون الأمم أفواجا ، ويكون الصالحون وغيرهم أفواجا قال تعالى : (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها) [الملك : ٨] الآية.
والمعنى : فتأتون مقسّمين طوائف وجماعات ، وهذا التقسيم بحسب الأحوال