فلما وصف عدل عن تأنيثه تفننا في الأسلوب.
ومعنى (جابُوا) : قطعوا ، أي نحتوا الصخر واتخذوا فيه بيوتا كما قال تعالى : (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) [الشعراء : ١٤٩] وقد قيل : إن ثمود أول أمم البشر نحتوا الصخر والرخام.
و (الصَّخْرَ) : الحجارة العظيمة.
والواد : اسم لأرض كائنة بين جبلين منخفضة ، ومنه سمي مجرى الماء الكثير وادا وفيه لغتان : أن يكون آخره دالا ، وأن يكون آخره ياء ساكنة بعد الدال.
وقرأ الجمهور بدون ياء. وقرأه ابن كثير ويعقوب بياء في آخره وصلا ووقفا ، وقرأه ورش عن نافع بياء في الوصل وبدونها في الوقف وهي قراءة مبنية على مراعاة الفواصل مثل ما تقدم في قوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) [الفجر : ٤] وهو مرسوم في المصحف بدون ياء والقراءات تعتمد الرواية بالسمع لا رسم المصحف إذ المقصود من كتابة المصاحف أن يتذكر بها الحفاظ ما عسى أن ينسوه.
والواد : علم بالغلبة على منازل ثمود ، ويقال له : وادي القرى ، بإضافته إلى «القرى» التي بنتها ثمود فيه ويسمى أيضا «الحجر» بكسر الحاء وسكون الجيم ، ويقال لها: «حجر ثمود» وهو واد بين خيبر وتيماء في طريق الماشي من المدينة إلى الشام ، ونزله اليهود بعد ثمود لما نزلوا بلاد العرب ، ونزله من قبائل العرب قضاعة وجهينة ، وعذرة وبليّ.
وكان غزاه النبي صلىاللهعليهوسلم وفتحه سنة سبع فأسلم من فيه من العرب وصولحت اليهود على جزية.
والباء في قوله : (بِالْوادِ) للظرفية.
والمراد ب (فِرْعَوْنَ) هو وقومه.
ووصف (ذِي الْأَوْتادِ) لأن مملكته كانت تحتوي على الأهرام التي بناها أسلافه لأن صورة الهرم على الأرض تشبه الوتد المدقوق ، ويجوز أن يكون الأوتاد مستعارا للتمكن والثبات ، أي ذي القوة على نحو قوله : (ذاتِ الْعِمادِ) ، وقد تقدم عند قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ) في ص [١٢].
وقوله : (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ) يجوز أن يكون شاملا لجميع المذكورين عاد وثمود