والإخبار عن السماء بأنها أبواب جرى على طريق المبالغة في الوصف بذات أبواب للدلالة على كثرة المفاتح فيها حتى كأنها هي أبواب وقريب منه قوله تعالى : (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) [القمر : ١٢] حيث أسند التفجير إلى لفظ الأرض ، وجيء باسم العيون تمييزا ، وهذا يناسب معنى قراءة التشديد ويؤكده ، ويقيد معنى قراءة التخفيف ويبينه.
و (كانت) بمعنى : صارت. ومعنى الصيرورة من معاني (كان) وأخواتها الأربع وهي: ظلّ ، وبات ، وأمسى وأصبح ، وقرينة ذلك أنه مفرّع على (فُتِحَتِ) ونظيره قوله تعالى : (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) [الرحمن : ٣٧].
والأبواب : جمع باب ، وهو الفرجة التي يدخل منها في حائل من سور أو جدار أو حجاب أو خيمة ، وتقدم في قوله تعالى : (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ) في سورة يوسف [٢٣]. وقوله : (ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ) في سورة العقود [٢٣].
(وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً (٢٠))
التسيير : جعل الشيء سائرا ، أي ماشيا. وأطلق هنا على النقل من المكان أي نقلت الجبال وقلعت من مقارّها بسرعة بزلازل أو نحوها كما دل عليه قوله تعالى : (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً) [المزمل : ١٤] ، حتى كأنها تسيّر من مكان إلى آخر وهو نقل يصحبه تفتيت كما دل عليه تعقيبه بقوله : (فَكانَتْ سَراباً) لأن ظاهر التعقيب أن لا تكون معه مهلة ، أي فكانت كالسراب في أنها لا شيء.
والقول في بناء (سُيِّرَتِ) للمجهول كالقول في (وَفُتِحَتِ السَّماءُ) [النبأ : ١٩].
وكذلك قوله : (فَكانَتْ سَراباً) هو كقوله : (فَكانَتْ أَبْواباً) [النبأ : ١٩].
والسراب : ما يلوح في الصحاري مما يشبه الماء وليس بماء ولكنه حالة في الجو القريب تنشأ من تراكم أبخرة على سطح الأرض. وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً) في سورة النور [٣٩].
[٢١ ـ ٢٣] (إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآباً (٢٢) لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (٢٣))
يجوز أن تكون جملة (إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً) في موضع خبر ثان ل (إِنَ) من