وإذا صحوت فما أقصّر عن ندى |
|
وكما علمت شمائلي وتكرّمي |
وجملة : (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً) في موضع الحال من (الْإِنْسانَ) [البلد : ٤] وذلك من الكبد.
وجملة : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) بدل اشتمال من جملة (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً) لأن قوله (أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) يصدر منه وهو يحسب أنه راج كذبه ، على جميع الناس وهو لا يخلو من ناس يطلعون على كذبه قال زهير :
ومهما تكن عند امرئ من خليقة |
|
وإن خالها تخفى على الناس تعلم |
والاستفهام إنكار وتوبيخ وهو كناية عن علم الله تعالى بدخيلته وأن افتخاره بالكرم باطل.
و (لُبَداً) بضم اللام وفتح الموحدة في قراءة الجمهور وهو جمع لبدة بضم اللام وهي ما تلبد من صوف أو شعر ، أي تجمع والتصق بعضه ببعض وقرأه أبو جعفر لبدا بضم اللام وتشديد الباء على أنه جمع لابد بمعنى مجتمع بعضه إلى بعض مثل : صيّم وقوّم ، أو على أنه اسم على زنة فعّل مثل زمّل للجبان وجبّإ للضعيف.
[٨ ـ ١٠] (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (١٠))
تعليل للإنكار والتوبيخ في قوله : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) [البلد : ٥] أو قوله : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) [البلد : ٧] أي هو غافل عن قدرة الله تعالى وعن علمه المحيط بجميع الكائنات الدال عليهما أنه خلق مشاعر الإدراك التي منها العينان ، وخلق آلات الإبانة وهي اللسان والشفتان ، فكيف يكون مفيض العلم على الناس غير قادر وغير عالم بأحوالهم قال تعالى : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك : ١٤].
والاستفهام يجوز أن يكون تقريريا وأن يكون إنكاريا.
والاقتصار على العينين لأنهما أنفع المشاعر ولأن المعلّل إنكار ظنه إن لم يره أحد. وذكر الشفتين مع اللسان لأن الإبانة تحصل بهما معا فلا ينطق اللسان بدون الشّفتين ولا تنطق الشفتان بدون اللسان.
ومن دقائق القرآن أنه لم يقتصر على اللسان ولا على الشفتين خلاف عادة كلام العرب أن يقتصروا عليه يقولون : ينطق بلسان فصيح ، ويقولون : لم ينطق ببنت شفة ، أو لم ينبس ببنت شفة ، لأن المقام مقام استدلال فجيء فيه بماله مزيد تصوير لخلق آلة