التسوية تأنيث غير حقيقي أو لمراعاة لفظ (ما) إن جعلتها موصولة.
[٩ ، ١٠] (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (١٠))
يجوز أن تكون الجملة جواب القسم ، وإن المعنى تحقيق فلاح المؤمنين وخيبة المشركين كما جعل في سورة الليل [٤ ، ٥] جواب القسم قوله : (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى* فَأَمَّا مَنْ أَعْطى) إلخ.
ويجوز أن تكون جملة معترضة بين القسم والجواب لمناسبة ذكر إلهام الفجور والتقوى ، أي أفلح من زكّى نفسه واتّبع ما ألهمه الله من التقوى ، وخاب من اختار الفجور بعد أن ألهم التمييز بين الأمرين بالإدراك والإرشاد الإلهي.
وهذه الجملة توطئة لجملة : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) [الشمس : ١١] فإن ما أصاب ثمودا كان من خيبتهم لأنهم دسّوا أنفسهم بالطغوى.
وقدم الفلاح على الخيبة لمناسبة للتقوى ، وأردف بخيبة من دسى نفسه لتهيئة الانتقال إلى الموعظة بما حصل لثمود من عقاب على ما هو أثر التدسية.
و (مَنْ) صادقة على الإنسان ، أي الذي زكى نفسه بأن اختار لها ما به كمالها ودفع الرذائل عنها ، فالإنسان والنفس شيء واحد ، ونزلا منزلة شيئين باختلاف الإرادة والاكتساب.
والتزكية : الزيادة من الخير.
ومعنى : (دَسَّاها) حال بينها وبين فعل الخير. وأصل فعل دسّى : دسّ ، إذا أدخل شيئا تحت شيء فأخفاه ، فأبدلوا الحرف المضاعف ياء طلبا للتخفيف كما قالوا : تقضّى البازي أو تقضض ، وقالوا : تظنيت ، أي من الظن.
وإن كانت جملة (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) جواب القسم فجملة (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) [الشمس : ١١] في موقع الدليل لمضمون جملة (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) أي خاب كخيبة ثمود.
والفلاح : النجاح بحصول المطلوب ، والخيبة ضده ، أي أن يحرم الطالب مما طلبه.
فالإنسان يرغب في الملائم النافع ، فمن الناس من يطلب ما به النفع والكمال