رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يكون قد انقطع عنه الوحي ، وهي التي رأى عقبها جبريل على كرسي بين السماء والأرض كما تقدم في تفسير سورة المدثر ، وقد قيل : إن مدة انقطاع الوحي في الفترة الأولى كانت أربعين يوما ولم يشعر بها المشركون لأنها كانت في مبدإ نزول الوحي قبل أن يشيع الحديث بينهم فيه وقبل أن يقوم النبي صلىاللهعليهوسلم بالقرآن ليلا.
وثانيتهما : فترة بعد نزول نحو من ثمان سور ، أي السور التي نزلت بعد الفترة الأولى فتكون بعد تجمع عشر سور ، وبذلك تكون هذه السورة حادية عشرة فيتوافق ذلك مع عددها في ترتيب نزول السور.
والاختلاف في سبب نزول هذه السورة يدل على عدم وضوحه للرواة ، فالذي نظنه أن احتباس الوحي في هذه المرة كان لمدة نحو من اثني عشر يوما وأنه ما كان إلا للرفق بالنبيءصلىاللهعليهوسلم كي تستجمّ نفسه وتعتاد قوته تحمّل أعباء الوحي إذ كانت الفترة الأولى أربعين يوما ثم كانت الثانية اثني عشر يوما أو نحوها ، فيكون نزول سورة الضحى هو النزول الثالث ، وفي المرة الثالثة يحصل الارتياض في الأمور الشاقة ولذلك يكثر الأمر بتكرر بعض الأعمال ثلاثا ، وبهذا الوجه يجمع بين مختلف الأخبار في سبب نزول هذه السورة وسبب نزول سورة المدثر.
وحذف مفعول (قَلى) لدلالة (وَدَّعَكَ) عليه كقوله تعالى : (وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ) [الأحزاب : ٣٥] وهو إيجاز لفظيّ لظهور المحذوف ومثله قوله : (فَآوى) [الضحى : ٦] ، (فَهَدى) [الضحى : ٧] (فَأَغْنى) [الضحى : ٨].
(وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (٤))
عطف على جملة : (وَالضُّحى) [الضحى : ١] فهو كلام مبتدأ به ، والجملة معطوفة على الجمل الابتدائية وليست معطوفة على جملة جواب القسم بل هي ابتدائية فلما نفي القلى بشّر بأن آخرته خير من أولاه ، وأن عاقبته أحسن من بدأته ، وأن الله خاتم له بأفضل مما قد إعطاء في الدنيا وفي الآخرة.
وما في تعريف «الآخرة» و (الْأُولى) من التعميم يجعل معنى هذه الجملة في معنى التذييل الشامل لاستمرار الوحي وغير ذلك من الخير.
والآخرة : مؤنث الآخر ، و (الْأُولى) : مؤنث الأوّل ، وغلب لفظ الآخرة في اصطلاح القرآن على الحياة الآخرة وعلى الدار الآخرة كما غلب لفظ الأولى على حياة