مع كثرة الأسباب لقهره لأن القهر قد يصدر من جراء القلق من مطالب حاجاته فإن فلتات اللسان سريعة الحصول كما قال تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) [الإسراء : ٢٣] وقال : (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً) [الإسراء : ٢٨].
والقهر : الغلبة والإذلال وهو المناسب هنا ، وتكون هذه المعاني بالفعل كالدّعّ والتحقير بالفعل وتكون بالقول قال تعالى : (وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) [النساء : ٥] ، وتكون بالإشارة مثل عبوس الوجه ، فالقهر المنهي عنه هو القهر الذي لا يعامل به غير اليتيم في مثل ذلك فأما القهر لأجل الاستصلاح كضرب التأديب فهو من حقوق التربية قال تعالى: (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) [البقرة : ٢٢٠].
وقوله : (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) مقابل قوله : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) [الضحى : ٧] لأن الضلال يستعدي السؤال عن الطريق ، فالضال معتبر من نصف السائلين. والسائل عن الطريق قد يتعرض لحماقة المسئول كما قال كعب :
وقال كل خليل كنت آمله : |
|
لا ألهينّك أني عنك مشغول |
فجعل الله الشكر عن هدايته إلى طريق الخير أن يوسع باله للسائلين.
فلا يختص السائل بسائل العطاء بل يشمل كل سائل وأعظم تصرفات الرسولصلىاللهعليهوسلم بإرشاد المسترشدين ، وروي هذا التفسير عن سفيان بن عيينة. روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الناس لكم تبع وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا» قال هارون العبدي : كنا إذا أتينا أبا سعيد يقول : مرحبا بوصية رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
والتعريف في (السَّائِلَ) تعريف الجنس فيعم كل سائل ، أي عمّا يسال النبيصلىاللهعليهوسلم عن مثله.
ويكون النشر على ترتيب اللف.
فإن فسر (السَّائِلَ) بسائل معروف كان مقابل قوله : (وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) [الضحى : ٨] وكان من النشر المشوش ، أي المخالف لترتيب اللف ، وهو ما درج عليه «الكشاف».
والنهر : الزجر بالقول مثل أن يقول : إليك عني. ويستفاد من النهي عن القهر والنهر النهي عما هو أشد منهما في الأذى كالشتم والضرب والاستيلاء على المال وتركه محتاجا