المضارع في قوله : (يَنْهى) لاستحضار الحالة العجيبة وإلا فإن نهيه قد مضى.
والمنهي عنه محذوف يغني عنه تعليق الظرف بفعل (يَنْهى) أي نهاه عن صلاته.
[١١ ـ ١٢] (أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى (١٢))
تعجيب آخر من حال مفروض وقوعه ، أي أتظنه ينهى أيضا عبدا متمكنا من الهدى فتعجب من نهيه. والتقدير : أرأيته إن كان العبد على الهدى أينهاه عن الهدى ، أو إن كان العبد آمرا بالتقوى أينهاه عن ذلك.
والمعنى : أن ذلك هو الظن به فيعجّب المخاطب من ذلك لأن من ينهى عن الصلاة وهي قربة إلى الله فقد نهى عن الهدى ، ويوشك أن ينهى عن أن يأمر أحد بالتقوى.
وجواب الشرط محذوف وأتى بحرف الشرط الذي الغالب فيه عدم الجزم بوقوع فعل الشرط مجاراة لحال الذي ينهى عبدا.
والرؤية هنا علمية ، وحذف مفعولا فعل الرؤية اختصارا لدلالة (الَّذِي يَنْهى) [العلق : ٩] على المفعول الأول ودلالة (يَنْهى) على المفعول الثاني في الجملة قبلها.
و (عَلَى) للاستعلاء المجازي وهو شدّة التمكن من الهدى بحيث يشبه تمكن المستعلي على المكان كما تقدم في قوله تعالى : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) [لقمان : ٥].
فالضميران المستتران في فعلي (كانَ عَلَى الْهُدى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى) عائدان إلى (عَبْداً) وإن كانت الضمائر الحافّة به عائدة إلى (الَّذِي يَنْهى * عَبْداً إِذا صَلَّى) [العلق : ٩ ، ١٠] فإن السياق يرد كل ضمير إلى معاده كما في قول عباس بن مرداس :
عدنا ولو لا نحن أحدق جمعهم |
|
بالمسلمين وأحرزوا ما جمّعوا |
والمفعول الثاني لفعل «رأيت» محذوف دل عليه قوله : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) [العلق : ١٤] أو دل عليه قوله : (يَنْهى) المتقدم. والتقدير : أرأيته.
وجواب : (إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى) محذوف تقديره : أينهاه أيضا.
وفصلت جملة : (أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى) لوقوعها موقع التكرير لأن فيها تكرير التّعجيب من أحوال عديدة لشخص واحد.
[١٣ ، ١٤] (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٣) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى (١٤))