٧٩] على الوجهين في المراد من المطهرين.
(وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢))
تنويه بطريق الإبهام المراد به أن إدراك كنهها ليس بالسهل لما ينطوي عليه من الفضائل الجمّة.
وكلمة (ما أدراك ما كذا) كلمة تقال في تفخيم الشيء وتعظيمه ، والمعنى : أيّ شيء يعرّفك ما هي ليلة القدر ، أي يعسر على شيء أن يعرّفك مقدارها ، وقد تقدمت غير مرة منها ، قوله : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) في سورة الانفطار [١٧] قريبا. والواو واو الحال.
وأعيد اسم (لَيْلَةِ الْقَدْرِ) الذي سبق قريبا في قوله : (فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر : ١] على خلاف مقتضى الظاهر لأن مقتضى الظاهر الإضمار ، فقصد الاهتمام بتعيينها ، فحصل تعظيم ليلة القدر صريحا ، وحصلت كناية عن تعظيم ما أنزل فيها وأن الله اختار إنزاله فيها ليتطابق الشرفان.
(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣))
بيان أول لشيء من الإبهام الذي في قوله : (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) [القدر : ٢] مثل البيان في قوله : (وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ) [البلد : ١٢ ، ١٤] الآية. فلذلك فصلت الجملة لأنها استئناف بياني ، أو لأنها كعطف البيان.
وتفضيلها بالخير على ألف شهر. إنما هو بتضعيف فضل ما يحصل فيها من الأعمال الصالحة واستجابة الدعاء ووفرة ثواب الصدقات والبركة للأمة فيها ، لأن تفاضل الأيام لا يكون بمقادير أزمنتها ولا بما يحدث فيها من حر أو برد ، أو مطر ، ولا بطولها أو بقصرها ، فإن تلك الأحوال غير معتدّ بها عند الله تعالى ولكن الله يعبأ بما يحصل من الصلاح للناس أفرادا وجماعات وما يعين على الحق والخير ونشر الدين. وقد قال في فضل الناس : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) [الحجرات : ١٣] فكذلك فضل الأزمان إنما يقاس بما يحصل فيها لأنها ظروف للأعمال وليست لها صفات ذاتية يمكن أن تتفاضل بها كتفاضل الناس ففضلها بما أعدّه الله لها من التفضيل كتفضيل ثلث الليل الأخير للقربات وعدد الألف يظهر أنه مستعمل في وفرة التكثير كقوله : «واحد كألف» وعليه جاء قوله