الآية هنا به.
و (الْمَبْثُوثِ) : المتفرق على وجه الأرض.
وجملة : (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) معترضة بين جملة (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) وجملة : (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) [القارعة : ٦] إلخ. وهو إدماج لزيادة التهويل.
ووجه الشبه كثرة الاكتظاظ على أرض المحشر.
والعهن : الصوف ، وقيل : يختص بالمصبوغ الأحمر ، أو ذي الألوان ، كما في قول زهير :
كأنّ فتات العهن في كل منزل |
|
نزلن به حبّ الفنا لم يحطّم |
لأن الجبال مختلفة الألوان بحجارتها ونبتها قال تعالى : (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها) [فاطر : ٢٧].
والمنفوش : المفرق بعض أجزائه عن بعض ليغزل أو تحشى به الحشايا ، ووجه الشبه تفرق الأجزاء لأن الجبال تندكّ بالزلازل ونحوها فتتفرق أجزاء.
وإعادة كلمة (تَكُونُ) مع حرف العطف للإشارة إلى اختلاف الكونين فإن أولهما كون إيجاد ، والثاني كون اضمحلال ، وكلاهما علامة على زوال عالم وظهور عالم آخر.
وتقدم قوله تعالى : (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ) في سورة المعارج [٩].
[٦ ـ ١١] (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (٩) وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ (١٠) نارٌ حامِيَةٌ (١١))
تفصيل لما في قوله : (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) [القارعة : ٤] من إجمال حال الناس حينئذ ، فذلك هو المقصود بذكر اسم الناس الشامل لأهل السعادة وأهل الشقاء فلذلك كان تفصيلة بحالين : حال حسن وحال فظيع.
وثقل الموازين كناية عن كونه بمحل الرضى من الله تعالى لكثرة حسناته ، لأن ثقل الميزان يستلزم ثقل الموزون وإنما توزن الأشياء المرغوب في اقتنائها ، وقد شاع عند العرب الكناية عن الفضل والشرف وأصالة الرأي بالوزن ونحوه ، وبضد ذلك يقولون :