والذي يظهر من معاني السورة وغلظة وعيدها أنها مكية وأن المخاطب بها فريق من المشركين لأن ما ذكر فيها لا يليق بالمسلمين أيامئذ.
وسبب نزولها فيما قاله الواحدي والبغوي عن مقاتل والكلبي والقرطبيّ عنهما وعن ابن عباس : أن بني عبد مناف وبني سهم من قريش تفاخروا فتعادّوا السادة والأشراف من أيّهم أكثر عددا فكثر بنو عبد مناف بني سهم ، ثم قالوا نعدّ موتانا حتى زاروا القبور فعدوا القبور فكثرهم بنو سهم بثلاثة أبيات لأنهم كانوا أكثر عددا في الجاهلية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بريدة الجرميّ قال : نزلت في قبيلين من الأنصار بني حارثة وبني الحارث تفاخروا وتكاثروا بالأحياء ثم قالوا : انطلقوا بنا إلى القبور فجعلت إحدى الطائفتين تقول : فيكم مثل فلان ، تشير إلى القبر ، ومثل فلان ، وفعل الآخرون مثل ذلك ، فأنزل الله : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ)
وقد عدت السادسة عشرة في ترتيب نزول السور ، نزلت بعد سورة الكوثر وقبل سورة الماعون بناء على أنها مكية.
وعدد آياتها ثمان.
أغراضها
اشتملت على التوبيخ على اللهو عن النظر في دلائل القرآن ودعوة الإسلام بإيثار المال والتكاثر به والتفاخر بالأسلاف وعدم الإقلاع عن ذلك إلى أن يصيروا في القبور كما صار من كان قبلهم وعلى الوعيد على ذلك.
وحثهم على التدبر فيما ينجيهم من الجحيم.
وأنهم مبعوثون ومسئولون عن إهمال شكر المنعم العظيم.
[١ ـ ٤] (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (٢) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤))
(أَلْهاكُمُ) أي شغلكم عما يجب عليكم الاشتغال به لأن اللهو شغل يصرف عن تحصيل أمر مهم.
و (التَّكاثُرُ) : تفاعل في الكثر أي التباري في الإكثار من شيء مرغوب في كثرته.