سورة الانفطار [١٧].
وجملة : (نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ) جواب عن جملة (وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ) مفيد مجموعهما بيان الحطمة ما هي ، وموقع الجملة موقع الاستئناف البياني ، والتقدير هي ، أي الحطمة نار الله ، فحذف المبتدأ من الجملة جريا على طريقة استعمال أمثاله من كل إخبار عن شيء بعد تقدم حديث عنه وأوصاف له ، وقد تقدم عند قوله تعالى : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) في سورة البقرة [١٨].
وإضافة (نارُ) إلى اسم الجلالة للترويع بها بأنها نار خلقها القادر على خلق الأمور العظيمة.
ووصف (نارُ) ب «موقدة» ، وهو اسم مفعول من : أوقد النار ، إذا أشعلها وألهبها.
والتوقد : ابتداء التهاب النار فإذا صارت جمرا فقد خفّ لهبها ، أو زال ، فوصف (نارُ) ب «موقدة» يفيد أنها لا تزال تلتهب ولا يزول لهيبها. وهذا كما وصفت نار الأخدود بذات الوقود (بفتح الواو) في سورة البروج ، أي النار التي يجدد اتقادها بوقود وهو الحطب الذي يلقى في النار لتتقد فليس الوصف بالموقدة هنا تأكيدا.
ووصفت (نارُ اللهِ) وصفا ثانيا ب (الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ).
والاطلاع يجوز أن يكون بمعنى الإتيان مبالغة في طلع ، أي الإتيان السريع بقوة واستيلاء ، فالمعنى : التي تنفذ إلى الأفئدة فتحرقها في وقت حرق ظاهر الجسد.
وأن يكون بمعنى الكشف والمشاهدة قال تعالى : (فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) [الصافات : ٥٥] فيفيد أن النار تحرق الأفئدة إحراق العالم بما تحتوي عليه الأفئدة من الكفر فتصيب كل فؤاد بما هو كفاؤه من شدة الحرق على حسب مبلغ سوء اعتقاده ، وذلك بتقدير من الله بين شدة النار وقابلية المتأثر بها لا يعلمه إلا مقدّره.
[٨ ، ٩] (إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩))
هذه جملة يجوز أن تكون صفة ثالثة ل (نارُ اللهِ) [الهمزة : ٦] بدون عاطف ، ويجوز أن تكون مستأنفة استئنافا ابتدائيا وتأكيدها ب (إنّ) لتهويل الوعيد بما ينفي عنه احتمال المجاز أو المبالغة.
وموصدة : اسم مفعول من أوصد الباب ، إذا أغلقه غلقا مطبقا. ويقال : آصد