الأضحى تكون السورة مدنية ويبعث على أن قوله تعالى : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) ليس ردّا على كلام العاصي بن وائل كما سنبين ذلك.
والأظهر أن هذه السورة مدنية ، وعلى هذا سنعتمد في تفسير آياتها.
وعلى القول بأنها مكية عدّوها الخامسة عشرة في عداد نزول السور ، نزلت بعد سورة العاديات وقبل سورة التكاثر. وعلى القول بأنها مدنية فقد قيل : إنها نزلت في الحديبية.
وعدد آيها ثلاث بالاتفاق.
وهي أقصر سور القرآن عدد كلمات وعدد حروف ، وأما في عدد الآيات فسورة العصر وسورة النصر مثلها ولكن كلماتهما أكثر.
أغراضها
اشتملت على بشارة النبي صلىاللهعليهوسلم بأنه أعطي الخير الكثير في الدنيا والآخرة.
وأمره بأن يشكر الله على ذلك بالإقبال على العبادة.
وأن ذلك هو الكمال الحق لا ما يتطاول به المشركون على المسلمين بالثروة والنعمة وهم مغضوب عليهم من الله تعالى لأنهم أبغضوا رسوله ، وغضب الله بتر لهم إذا كانوا بمحل السخط من الله.
وأن انقطاع الولد الذكر ليس بترا لأن ذلك لا أثر له في كمال الإنسان.
[١ ، ٢] (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢))
افتتاح الكلام بحرف التأكيد للاهتمام بالخبر. والإشعار بأنه شيء عظيم يستتبع الإشعار بتنويه شأن النبي صلىاللهعليهوسلم كما تقدم في (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر : ١]. والكلام مسوق مساق البشارة وإنشاء العطاء لا مساق الإخبار بعطاء سابق.
وضمير العظمة مشعر بالامتنان بعطاء عظيم.
و (الْكَوْثَرَ) : اسم في اللغة للخير الكثير صيغ على زنة فوعل ، وهي من صيغ
_________________
(١) الجورب : ثوب يجعل في صورة خف وتلف فيه الرجل ، والحوشب : المنتفخ الجنبين وعظم في باطن الحافر ، واسم للأرنب الذكر ، والثعلب الذكر ، والدوسر : الضخم الشديد.