(الْمُخْلَصِينَ) خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى صعد الصفا» إلى آخر الحديث المتقدم.
ومعلوم أن آية : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) من سورة الشعراء [٢١٤] ، وهي متأخرة النزول عن سورة تبت ، وتأويل ذلك أن آية تشبه آية سورة الشعراء نزلت قبل سورة أبي لهب لما رواه أبو أسامة يبلغ ابن عباس لما نزلت : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) وقومك منهم (الْمُخْلَصِينَ) (ولم يقل من سورة الشعراء) خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى صعد الصفا» فتعين أن آية سورة الشعراء تشبه صدر الآية التي نزلت قبل نزول سورة أبي لهب.
أغراضها
زجر أبي لهب على قوله : «تبا لك ألهذا جمعتنا؟ ووعيده على ذلك ، ووعيد امرأته على انتصارها لزوجها ، وبغضها النبي صلىاللهعليهوسلم.
(تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١))
افتتاح السورة بالتباب مشعر بأنها نزلت لتوبيخ ووعيد ، فذلك براعة استهلال مثل ما تفتتح أشعار الهجاء بما يؤذن بالذم والشتم ومنه قوله تعالى : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) [المطففين : ١] إذ افتتحت السورة المشتملة على وعيد المطففين للفظ الويل ومن هذا القبيل قول عبد الرحمن بن الحكم من شعراء «الحماسة» :
لحا الله قيسا قيس عيلان إنها |
|
أضاعت ثغور المسلمين وولّت |
وقول أبي تمام في طالعة هجاء :
النار والعار والمكروه والعطب
ومنه أخذ أبو بكر بن الخازن قوله في طالع قصيدة هناء بمولد :
مجشري فقد أنجز الإقبال ما وعد
والتّبّ : الخسران والهلاك ، والكلام دعاء وتقريع لأبي لهب دافع الله به عن نبيئه بمثل اللفظ الذي شتم به أبو لهب محمدا صلىاللهعليهوسلم جزاء وفاقا.
وإسناد التبّ إلى اليدين لما روي من أن أبا لهب لما قال للنبي : «تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا» أخذ بيده حجرا ليرميه به. وروي عن طارق المحاربي قال : «بينا أنا بسوق ذي المجاز إذا أنا برجل حديث السن يقول : أيها الناس قولوا : لا إله إلا الله