معنى طلب حصول التبات له ، وذلك كقول عبد الله بن رواحة حين خروجه إلى غزوة مؤتة التي استشهد فيها :
حتّى يقولوا إذا مرّوا على جدثي |
|
أرشدك الله من غاز وقد رشدا |
يعني ويقولوا : وقد رشدا ، فيصير قوله : أرشدك الله من غاز ، لمجرد الثناء والغبطة بما حصّله من الشهادة.
(ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (٢))
استئناف ابتدائي للانتقال من إنشاء الشتم والتوبيخ إلى الإعلام بأنه آيس من النجاة من هذا التبات ، ولا يغنيه ماله ، ولا كسبه ، أي لا يغني عنه ذلك في دفع شيء عنه في الآخرة.
والتعبير بالماضي في قوله : (ما أَغْنى) لتحقيق وقوع عدم الإغناء.
و (ما) نافية ، ويجوز أن تكون استفهامية للتوبيخ والإنكار.
والمال : الممتلكات المتمولة ، وغلب عند العرب إطلاقه على الإبل ، ومن كلام عمر: «لو لا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله» إلخ في اتقاء دعوة المظلوم ، من «الموطأ» وقال زهير :
صحيحات مال طالعات بمخرم
وأهل المدينة وخيبر والبحرين يغلب عندهم على النخيل ، وقد تقدم عند قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) في سورة النساء [٢٩] وفي مواضع.
(وَما كَسَبَ) موصول وصلته والعائد محذوف جوازا لأنه ضمير نصب ، والتقدير : وما كسبه ، أي ما جمعه. والمراد به : ما يملكه من غير النعم من نقود وسلاح وربع وعروض وطعام ، ويجوز أن يراد بماله : جميع ماله ، ويكون عطف (وَما كَسَبَ) من ذكر الخاص بعد العام للاهتمام به ، أي ما أغنى عنه ماله التالد وهو ما ورثه عن أبيه عبد المطلب وما كسبه هو بنفسه وهو طريفه.
وروي عن ابن مسعود أن أبا لهب قال : «إن كان ما يقول ابن أخي حقا فأنا أفتدي نفسي يوم القيامة بمالي وولدي» فأنزل الله : (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ) وقال ابن