(بالميم) التونسي ، ولطف الله الأرضرومي في «معارج النور» ، على عدّ (أحد) في عداد الأسماء الحسنى مع اسمه الواحد فقالا : الواحد الأحد بحيث هو كالتأكيد له كما يقتضيه عدهم الأسماء تسعة وتسعين ، وهذا بناء على أن حديث أبي هريرة لم يقتض حصر الأسماء الحسنى في التسعة والتسعين ، وإنما هو لبيان فضيلة تلك الأسماء المعدودة فيه.
والمعنى : أن الله منفرد بالإلهية لا يشاركه فيها شيء من الموجودات. وهذا إبطال للشرك الذي يدين به أهل الشرك ، وللتثليث الذي أحدثه النصارى الملكانية وللثانوية عند المجوس ، وللعدد الذي لا يحصى عند البراهمة.
فقوله : (اللهُ أَحَدٌ) نظير قوله في الآية الأخرى : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) [النساء: ١٧١]. وهذا هو المعنى الذي يدركه المخاطبون بهذه الآية السائلون عن نسبة الله ، أي حقيقته فابتدئ لهم بأنه واحد ليعلموا أن الأصنام ليست من الإلهية في شيء.
ثم إن الأحدية تقتضي الوجود لا محالة فبطل قول المعطلة والدّهريين.
وقد اصطلح علماء الكلام من أهل السنة على استخراج الصفات السلبية الربانية من معنى الأحدية لأنه إذا كان منفردا بالإلهية كان مستغنيا عن المخصّص بالإيجاد لأنه لو افتقر إلى من يوجده لكان من يوجده إلها أوّل منه فلذلك كان وجود الله قديما غير مسبوق بعدم ولا محتاج إلى مخصص بالوجود بدلا عن العدم ، وكان مستعينا عن الإمداد بالوجود فكان باقيا ، وكان غنيا عن غيره ، وكان مخالفا للحوادث وإلا لاحتاج مثلها إلى المخصص فكان وصفه تعالى : ب (أَحَدٌ) جامعا للصفات السلبية. ومثل ذلك يقال في مرادفه وهو وصف واحد.
واصطلحوا على أن أحدية الله أحدية واجبة كاملة ، فالله تعالى واحد من جميع الوجوه ، وعلى كل التقادير فليس لكنه الله كثرة أصلا لا كثرة معنوية وهي تعدد المقوّمات من الأجناس والفصول التي تتقوم منها المواهي ، ولا كثرة الأجزاء في الخارج التي تتقوم منها الأجسام. فأفاد وصف (أَحَدٌ) أنه منزه عن الجنس والفصل والمادة والصورة ، والأعراض والأبعاض ، والأعضاء والأشكال والألوان وسائر ما ينافي الوحدة الكاملة كما أشار إليه ابن سينا.
قال في «الكشاف» : «وفي قراءة النبي صلىاللهعليهوسلم (اللهُ أَحَدٌ) بغير (قُلْ هُوَ) ا ه ، ولعله أخذه مما روي أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال من قرأ : (اللهُ أَحَدٌ) كان بعدل ثلث القرآن ، كما ذكره