وإبطال قول المشركين يتعذر الإحياء بعد انعدام الأجساد.
وعرّض بأن نكرانهم إياه منبعث عن طغيانهم فكان الطغيان صادّا لهم عن الإصغاء إلى الإنذار بالجزاء فأصبحوا آمنين في أنفسهم غير مترقبين حياة بعد هذه الحياة الدنيا بأن جعل مثل طغيانهم كطغيان فرعون وإعراضه عن دعوة موسى عليهالسلام وإن لهم في ذلك عبرة ، وتسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وانعطف الكلام إلى الاستدلال على إمكان البعث بأنّ خلق العوالم وتدبير نظامه أعظم من إعادة الخلق.
وأدمج في ذلك إلفات إلى ما في خلق السماوات والأرض من دلائل على عظيم قدرة الله تعالى.
وأدمج فيه امتنان في خلق هذا العالم من فوائد يجتنونها وأنه إذا حل عالم الآخرة وانقرض عالم الدنيا جاء الجزاء على الأعمال بالعقاب والثواب.
وكشف عن شبهتهم في إحالة البعث باستبطائهم إياه وجعلهم ذلك أمارة على انتفائه فلذلك يسألون الرسول صلىاللهعليهوسلم عن تعيين وقت الساعة سؤال تعنت ، وأن شأن الرسول أن يذكرهم بها وليس شأنه تعيين إبانها ، وأنها يوشك أن تحل فيعلمونها عيانا وكأنهم مع طول الزمن لم يلبثوا إلا جزءا من النهار.
[١ ـ ٩] (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (١) وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (٢) وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (٣) فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (٤) فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (٥) يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (٧) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ (٨) أَبْصارُها خاشِعَةٌ (٩))
ابتدئت بالقسم بمخلوقات ذات صفات عظيمة قسما مرادا منه تحقيق ما بعده من الخبر وفي هذا القسم تهويل المقسم به.
وهذه الأمور الخمسة المقسم بها جموع جرى لفظها على صيغة الجمع بألف وتاء لأنها في تأويل جماعات تتحقق فيها الصفات المجموعة ، فهي جماعات ، نازعات ، ناشطات ، سابحات ، سابقات ، مدبّرات ، فتلك صفات لموصوفات محذوفة تدلّ عليها الأوصاف الصالحة لها.
فيجوز أن تكون صفات لموصوفات من نوع واحد له أصناف تميزها تلك الصفات.
ويجوز أن تكون صفات لموصوفات مختلفة الأنواع بأن تكون كل صفة خاصيّة من