بأثر قراءة أبيّ بدون (قُلْ) كما تأوله الطيبي إذ قال : وهذا استشهاد على هذه القراءة.
وعندي إن صح ما روي من القراءة أن النبي صلىاللهعليهوسلم لم يقصد بها التلاوة وإنما قصد الامتثال لما أمر بأن يقوله ، وهذا كما كان يكثر أن يقول : «سبحان ربي العظيم وبحمده اللهم اغفر لي» يتأول قوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ) [النصر : ٣].
(اللهُ الصَّمَدُ (٢))
جملة ثانية محكية بالقول المحكية به جملة : (اللهُ أَحَدٌ) ، فهي خبر ثان عن الضمير. والخبر المتعدد يجوز عطفه وفصله ، وإنما فصلت عن التي قبلها لأن هذه الجملة مسوقة لتلقين السامعين فكانت جديرة بأن تكون كل جملة مستقلة بذاتها غير ملحقة بالتي قبلها بالعطف ، على طريقة إلقاء المسائل على المتعلم نحو أن يقول : الحوز شرط صحة الحبس ، الحوز لا يتم إلا بالمعاينة ، ونحو قولك : عنترة من فحول الشعراء ، عنترة من أبطال الفرسان.
ولهذا الاعتبار وقع إظهار اسم الجلالة في قوله : (اللهُ الصَّمَدُ) وكان مقتضى الظاهر أن يقال : هو الصمد.
و (الصَّمَدُ) : السيد الذي لا يستغنى عنه في المهمات ، وهو سيد القوم المطاع فيهم.
قال في «الكشاف» : وهو فعل بمعنى مفعول من : صمد إليه ، إذا قصده ، فالصمد المصمود في الحوائج. قلت : ونظيره السّند الذي تسند إليه الأمور المهمة. والفلق اسم الصباح لأنه يتفلق عنه الليل.
و (الصَّمَدُ) : من صفات الله ، والله هو الصمد الحق الكامل الصمدية على وجه العموم.
فالصمد من الأسماء التسعة والتسعين في حديث أبي هريرة عند الترمذي. ومعناه : المفتقر إليه كلّ ما عداه ، فالمعدوم مفتقر وجوده إليه والموجود مفتقر في شئونه إليه.
وقد كثرت عبارات المفسرين من السلف في معنى الصمد ، وكلها مندرجة تحت هذا المعنى الجامع ، وقد أنهاها فخر الدين إلى ثمانية عشر قولا. ويشمل هذا الاسم صفات الله المعنوية الإضافية وهي كونه تعالى حيّا ، عالما ، مريدا ، قادرا ، متكلما ، سميعا ،