و (أَشَدُّ) : اسم تفضيل ، والمفضل عليه محذوف يدل عليه قوله (أَمِ السَّماءُ) ومعنى (أَشَدُّ) أصعب ، و (خَلْقاً) مصدر منتصب على التمييز لنسبة الأشديّة إليهم ، أي أشد من جهة خلق الله إياكم أشد أم خلقه السماء ، فالتمييز محوّل عن المبتدأ.
و (السَّماءُ) يجوز أن يراد به الجنس وتعريفه تعريف الجنس ، أي السماوات وهي محجوبة عن مشاهدة الناس فيكون الاستفهام التقريري مبنيا على ما هو مشتهر بين الناس من عظمة السماوات تنزيلا للمعقول منزل المحسوس.
ويجوز أن يراد به سماء معينة وهي المسماة بالسماء الدنيا التي تلوح فيها أضواء النجوم فتعريفه تعريف العهد ، وهي الكرة الفضائية المحيطة بالأرض ويبدو فيها ضوء النهار وظلمة الليل ، فيكون الاستفهام التقريري مبنيا على ما هو مشاهد لهم. وهذا أنسب بقوله : (وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها) لعدم احتياجه إلى التأويل.
وجملة (بَناها) يجوز أن تكون مستأنفة استئنافا بيانيا لبيان شدة خلق السماء ، ويجوز أن تكون بدل اشتمال في قوله : (أَمِ السَّماءُ) ، لأنه في تقدير : أم السماء أشد خلقا. وقد جعلت كلمة (بَناها) فاصلة فيكون الوقف عندها ولا ضير في ذلك إذ لا لبس في المعنى لأن (بَناها) جملة و (أَمِ) المعادلة لا يقع بعدها إلا اسم مفرد.
والبناء : جعل بيت أو دار من حجارة ، أو آجر أو أدم ، أو أثواب من نسيج الشعر ، مشدودة شققه بعضها إلى بعض بغرز أو خياطة ومقامة على دعائم ، فما كان من ذلك بأدم يسمى قبة وما كان بأثواب يسمى خيمة وخباء.
وبناء السماء : خلقها ، استعير له فعل البناء لمشابهتها البيوت في الارتفاع.
وجملة (رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها) مبنية لجملة (بَناها) أو بدل اشتمال منها وسلك طريق الإجمال ثم التفصيل لزيادة التصوير.
والسّمك : بفتح السين وسكون الميم : الرّفع في الفضاء كما اقتصر عليه الراغب سواء اتصل المرفوع بالأرض أو لم يتصل بها وهو مصدر سمك.
والرّفع : جعل جسم معتليا وهو مرادف للسمك فتعدية فعل (رَفَعَ) إلى «السمك» للمبالغة في الرفع ، أي رفع رفعها أي جعله رفيعا ، وهو من قبيل قولهم : ليل أليل ، وشعر شاعر ، وظل ظليل.