والمعنى : يوم يذكّر الإنسان فيتذكر ، أي يعرض عليه عمله فيعترف به إذ ليس المقصود من التذكر إلا أثره ، وهو الجزاء فكني بالتذكر عن الجزاء قال تعالى : (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) [الإسراء : ١٤].
وتبريز الجحيم : إظهارها لأهلها. وجيء بالفعل المضاعف لإفادة إظهار الجحيم لأنه إظهار لأجل الإرهاب.
والجحيم : جهنم. ولذلك قرن فعله بتاء التأنيث لأن جهنم مؤنثة في الاستعمال ، أو هو بتأويل النار ، والجحيم كل نار عظيمة في حفرة عميقة.
وبنى فعل (بُرِّزَتِ) للمجهول لعدم الغرض ببيان مبرّزها إذ الموعظة في الإعلام بوقوع إبرازها يومئذ.
و (لِمَنْ يَرى) ، أي لكل راء ، ففعل (يَرى) منزّل منزلة اللازم لأن المقصود لمن له بصر ، كقول البحتري :
أن يرى مبصر ويسمع واع
والفاء في قوله : (فَأَمَّا مَنْ طَغى) رابطة لجواب (إذا) لأن جملة (مَنْ طَغى) إلى آخرها جملة اسمية ليس فيها فعل يتعلق به (إذا) فلم يكن بين (إذا) وبين جوابها ارتباط لفظي فلذلك تجلب الفاء لربط الجواب في ظاهر اللفظ ، وأما في المعنى فيعلم أن (إذا) ظرف يتعلق بمعنى الاستقرار الذي بين المبتدأ والخبر.
و (أمّا) حرف تفصيل وشرط لأنها في معنى : مهما يكن شيء.
والطغيان تقدم معناه آنفا. والمراد هنا : طغى على أمر الله ، كما دل عليه قوله : (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ).
وقدّم ذكر الطغيان على إيثار الحياة الدنيا لأن الطغيان من أكبر أسباب إيثار الحياة الدنيا فلما كان مسببا عنه ذكر عقبه مراعاة للترتب الطبيعي.
والإيثار : تفضيل شيء على شيء في حال لا يتيسر فيها الجمع بين أحوال كل منهما.
ويعدّى فعل الإيثار إلى اسم المأثور بتعدية الفعل إلى مفعوله ، ويعدّى إلى المأثور عليه بحرف (على) قال تعالى حكاية (لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا) [يوسف : ٩١] ، وقد يترك ذكر