المستعمل عن المعنى الموضوع له اتكالا على قرينة غفل عنها السامع.
ولعل وجه الفرق : أن همّ أهل اللسان وعامة العقلاء معرفة مراد المتكلم للعمل عليه ، فلو بني على التوقف عن حمله على المعنى الموضوع له بمجرد احتمال قرينة مغفول عنها سقطت فائدة الكلام في كثير من الموارد ، لعدم الإحاطة بمحتملات القرينة حتى يتسنى للمتكلم سدّها بالطرق القطعية.
أما تحقيق كيفية التبادر أو الاستعمال بعد معرفة المعنى المتبادر إليه ، أو المستعمل فيه ، وأنه مستند لحاقّ اللفظ ليكشف عن الوضع أو للقرينة فلا يكشف عنه ، فهو همّ الخاصّة ممن استجدّت لهم الحاجة لتحقيق المعنى الموضوع له ، ولا غرض فيه لعامّة العقلاء وأهل اللسان ليتضح موقفهم فيه بما لهم من مرتكزات بيانية وسيرة عملية ، كي يعلم جري الشارع على سيرتهم.
ومنه يظهر عدم صحة الاستدلال على الوضع للمعنى باستعمال أهل اللغة فيه ، تحكيما لأصالة الحقيقة ، ودفعا لاحتمال المجاز والقرينة.
الثاني : صحة الحمل وعدم صحة السلب فقد ذكروا أن حمل اللفظ بما له من معنى على شيء ، وعدم صحة سلبه عنه علامة كونه حقيقة فيه ، كما أن عدم صحة حمله عليه ، وصحة سلبه عنه علامة عدم كونه حقيقة فيه ، بل مجازا لو كان مستعملا فيه.
وتوضيح ذلك : أنهم ذكروا أنه لا بد في حمل أحد الشيئين على الآخر من جهة اتحاد بينهما وجهة اختلاف ، إذ لو اتحدا من جميع الجهات كانا شيئا واحدا ، ولا يحمل الشيء على نفسه ، وإن كانا مختلفين من جميع الجهات كانا متباينين ، ولا يحمل أحد المتباينين على الآخر.
ومن هنا فالحمل عندهم قسمان :