من النسبة بينهما ، ولا يكفي فيه الوجود الارتكازي الذهني من دون أن يتجلّى ويتضح له.
الثالث : الاطراد. فعن بعض المتأخرين عدّه من علامات الوضع. ويظهر من بعضهم أن المراد من ذلك : أن اطراد استعمال اللفظ في المعنى كاشف عن وضعه له.
وقد استشكل فيه المحقق الخراساني بأن المجاز وإن لم يطرد بلحاظ نوع العلاقة المجازية ، كالمشابهة والملازمة ونحوهما ، إلا أنه قد يطرد بلحاظ شخصها ، كالمشابهة للأسد في الشجاعة ، وللذئب في الخبث.
وتقييد الاستعمال الذي يكون اطراده علامة بما لا يكون بعناية مستلزم لابتناء علاميته على الدور أو اجتماع المثلين ، نظير ما تقدم في صحة الحمل ، إذ لا بد من العلم بالعلامة تفصيلا ، ومع العلم التفصيلي بعدم العناية في الاستعمال يعلم بالوضع للمعنى المستعمل فيه في رتبة سابقة على العلم بتحقق العلامة.
وقد ظهر من جميع ما تقدم انحصار علامة الوضع بالتبادر ، وأن صحة الحمل وعدم صحة السلب والاطراد لا تصلح لذلك.
نعم ، سبق أن علامية التبادر مشروطة بإحراز استناده لحاقّ اللفظ ، ولا يخلو إحراز ذلك عن صعوبة ، حيث يغافل عن دخل كثير من القرائن ، خصوصا العامة ، ككثرة الابتلاء بالمعنى الموجبة لاشتباه الانصراف بالتبادر ، ومقدمات الحكمة الموجبة لاشتباه مقتضى الإطلاق به ، وشيوع التلازم بين المعنيين الموجب لاشتباه معنى اللفظ بلازم معناه ، ونحو ذلك مما يحتاج معه إلى كثير من التأمل والتروي.