الثاني : سبق في المقدمة الثانية اختصاص محل الكلام بالعبادات التي ثبت استعمالها ولو عند المتشرعة في الخصوصيات الزائدة على معانيها اللغوية لتكون من الماهيات المخترعة ، دون غيرها من العبادات كالركوع والسجود والدعاء ، فضلا عن غير العبادات ، كالسفر والإنفاق على الزوجة ، حيث يكون المرجع في تحديده العرف.
بل غالب تلك الامور لا يتّصف بالصحّة والفساد عرفا ، لما ذكرناه آنفا من انتزاعهما من التمامية وعدمها بلحاظ الأثر المهم ، حيث لا يراد به إلا الأثر المطلوب من الماهية نوعا بمقتضى طبعها.
والامور المذكورة وإن كانت موردا للتكاليف الشرعية التي قد تدعو لفعلها طلبا للفراغ عنها ولتكون مجزئة في مقام امتثالها ، إلّا أن ذلك أمر طارئ عليها خارج عن مقتضى طبعها بما لها من المعاني العرفية ، فلا يكون منشأ لانتزاع الصحة والفساد لها ، بخلاف الماهيات المخترعة التي اخترعت بسبب وقوعها موردا للتكاليف الشرعية ، حيث يكون الأثر المذكور لازما لمفاهيمها عرفا وثابتا لها بمقتضى طبعها.
نعم ، لما كان مقتضى طبع المعاملات حتى عند العرف ترتب الآثار المرغوب فيها عليها كانت موردا للصحة والفساد عرفا بلحاظ ترتب تلك الآثار وعدمه.
ومن هنا ناسب الكلام فيها تبعا للكلام في العبادات وإن كانت باقية على مفاهيمها العرفية ، كما جرى عليها غير واحد في المقام ، والمراد بها المضامين الإنشائية الاعتبارية التي تتكفلها العقود والإيقاعات.
إذا عرفت هذا ، فقد وقع الكلام بينهم ..