الاستدلال به.
الأمر الثالث : لا يخفى أن إطلاق العنوان الذاتي أو العرضي المشتق أو الجامد على الذات ـ حاكيا عنها أو [واصفا] لها أو محمولا عليها ـ إنما يكون بلحاظ اتحاده معها وانطباقه عليها ، وظرف الاتحاد الملحوظ هو المعبّر عنه في كلمات بعضهم بحال الجري ، ومن الظاهر أنه تارة : يكون في زمان النطق ، كما في قولنا : (زيد عادل الآن) ، أو (أكرم غدا المسافر الآن). واخرى : في زمان آخر ، كما في قولنا : (زيد مسافر أمس أو غدا) ، أو : (أعن الآن المسافر أمس أو غدا).
نعم ، مقتضى الإطلاق عرفا هو تنزيل حال الجري على زمان النطق وعدم احتياج إرادته إلى قرينة. وكأنه لكونه محط الأغراض والآثار ، فيكون هو الحقيق بالبيان ، فعدم التصدي لبيانه ظاهر في الاتكال على ارتكاز أقربية زمان النطق في بيانه.
ولا يحمل على غيره إلا بقرينة خاصة ـ كما في الأمثلة المتقدمة ـ أو عامة ، كما لو وقع المشتق طرفا لنسبة غير حالية ، حيث يحمل حال الجري على حال النسبة ، فلو قيل : (تصدق على فقير) ، كان ظاهره إرادة الفقير حين التصدق ، وإن قيل : (إن جاء زيد زاره العلماء) ، كان ظاهره إرادة العلماء حين مجيئه الذي هو زمان لزوم الزيارة ، إلى غير ذلك مما تناسبه خصوصيات النسب.
ثم إنه لا ينبغي التأمل في أن ما يحكي عنه المشتق وما الحق به من الجوامد ـ من التلبس بالجهة العرضية المصححة لانتزاع العنوان ، أو نحو التلبس مما تقدم في الأمر السابق ـ لا يعتبر تحققه حال النطق ، بل يكفي تحققه قبله أو