وبالجملة : لا ينبغي التأمل في تباين المعنيين مفهوما ، واشتراك مادة الأمر بينهما اشتراكا لفظيا. نعم قد يكون الأمر الطلبي مأخوذا من الأمر الشأني بحسب الأصل ، كما في كثير من المواد المشتركة ، كمادة شجر التي يرجع إليها الشجر الجامد ، والشجار المشتق.
والأمر ليس بمهم ، إنما المهم تحقيق حال الأمر الطلبي وتحديد مفاده ، والمنظور في ذلك إنما هو المفاد اللغوي والعرفي ، الذي يحمل عليه في كلام الشارع الأقدس ونحوه مما له دخل في الاستنباط.
وإلا فقد ادعي أن المراد به اصطلاحا القول المخصوص ، وهو (افعل) أو ما بمعناه ، وهو غير مهم لو تم.
هذا ، وأما النهي فهو مختص ظاهرا بالمعنى المقابل للأمر ، ويشاركه في أكثر الجهات المبحوث عنها فيه أو في جميعها.
إذا عرفت هذا فقد وقع الكلام بينهم :
تارة : في اتحاد الأمر مع الإرادة النفسية أو مباينته لها لتقومه بالإنشاء.
واخرى : في أخذ علوّ الامر أو استعلائه في مفهومه.
وثالثة : في دلالته وضعا أو إطلاقا على الإلزام.
ويجري نظير ذلك في النهي ، حيث يقع الكلام في اتحاده مع الكراهة النفسية ، وفي اعتبار علوّ الناهي أو استعلائه فيه ، وفي دلالته على الإلزام.
والذي ينبغي أن يقال : لا إشكال بعد النظر في المرتكزات العقلائية والعرفية في مباينة الأمر والنهي مفهوما وخارجا للإرادة والكراهة النفسيتين وتقومهما بالجعل والإنشاء الذي قد لا يكون مسببا عن الإرادة والكراهة للمتعلق ، بل يكون بداعي الامتحان أو غيره. نظير ما سبق عند الكلام في