المبحث الرابع
في تقسيم المأمور به إلى
تعييني وتخييري
وموضوع هذا التقسيم في كلماتهم وإن كان خصوص الوجوب ، إلّا أنه ناشئ عن اهتمامهم به ، وإلا فوضوح عمومه للاستحباب مانع من احتمال بنائهم على تخصيصه بالوجوب.
نعم ، الظاهر عدم جريانه في النهي وإن جرى نظيره فيه على ما نتعرض له في ذيل هذا المبحث إن شاء الله تعالى.
وكيف كان ، فالمراد بالمأمور به التعييني ما يتعلق به الأمر على نحو يقتضي تحقيقه بعينه من دون أن يقوم مقامه فيه شيء آخر ، كالصلاة والصوم والحج ، وبالتخييري ما يتعلق به الأمر بنحو يقتضي الاجتزاء عنه بعدل له يقوم مقامه في امتثاله ، كما في خصال الكفارة.
هذا ، وحيث كان متعلق التكليف مطلقا فعل المكلف الذي هو كلي ذو أفراد كثيرة يتحقق امتثاله بأي فرد منها من دون مرجح لبعض الاصناف أو الأفراد على بعض كان التكليف مطلقا مبنيا على التخيير ، لكن التخيير المذكور عقلي ، ومحل الكلام التخيير الشرعي.
ومحصل الفرق بينهما : أن الغرض الداعي للتكليف إن كان قائما بما به الاشتراك بين الأطراف ، بحيث يكون وافيا به ، من دون دخل لما به