ومما ذكرنا يظهر أن ما سبق من منع تعلق الإرادة التشريعية بالمتعدد بنحو الترديد والتخيير ، قياسا على الإرادة التكوينية ، وما سبق من بعض الأعاظم (قدس سره) من الفرق بين الإرادتين ، ناشئان عن الخلط بين الإرادة التكوينية التابعة للغرض ، والإرادة الحاصلة حين تحقيق المراد.
ومن هنا لا مخرج عما هو ظاهر الأدلة من تعلق التكليف التخييري بالأطراف بخصوصياتها المتباينة بنحو البدلية والتخيير.
بل لما كان الظهور المذكور نوعيا ارتكازيا كان بنفسه صالحا لدفع بعض التوهمات والشبه المنافية له ، والكشف عن خلل فيها إجمالا. فلاحظ.
بقي في المقام امور
الأول : من الظاهر أن مقتضى الإطلاق البناء على كون الأمر بالشيء تعيينيا ، سواء استفيد الأمر من هيئة افعل أو نحوها ، أم من مادة الأمر أو الوجوب أو الاستحباب أو نحوها من المفاهيم الاسمية.
لكن لا بمعنى الإطلاق المقابل للتقييد كما يظهر من المحقق الخراساني (قدس سره) وغيره ، بل بمعنى ما يستفاد من الكلام مع التجرد عن القرينة ، لما أشرنا إليه من أن نحو تعلق الأمر التخييري بمتعلقه يقتضي عدم نسبته لبعض الأطرف ، بل لتمامها بنحو يفيد التخيير ، فالاقتصار على نسبته للواحد ظاهر في التعيينية.
وكذا الحال بناء على الوجه الأول ، لأن سنخ الوجوب التخييري الذي عبّر عنه بالطلب الناقص يبتني على نحو عناية لا يحمل عليها الكلام إلّا بالقرينة.