ملاحظة الجهة المقتضية للمتابعة ، لا بالأمر ولا بالنهي.
والمصحح للحكم به ، وجعله مع ذلك هو فتح الطريق للعبيد في استناد عملهم في مقام السعة لتشريع المولى ، فإن فعل الشيء أو تركه لإباحة المولى له أظهر في العبودية له تعالى ، والفناء في سبيله من استناده لمجرد عدم منعه منه.
كما قد يشير إليه ما عن تفسير النعماني باسناده عن علي عليه السلام : «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إن الله تعالى يحبّ أن يؤخذ برخصه كما يحبّ أن يؤخذ بعزائمه» (١).
بل لما كان استناد السعة لعدم التكليف من باب الاستناد لعدم المانع ، واستنادها للتحليل من باب الاستناد لوجود المقتضي ، كفى ذلك في صحة الجعل ارتكازا ، وكان أدعى للشكر على نعمة التخفيف والسعة.
اللهمّ إلّا أن يقال : هذا إنما يقتضي تشريع الحل بالمعنى الأعم ، لكفايته في السعة عملا ، كما هو ظاهر الأدلة المتضمّنة للرخصة والحل والإباحة ونحوها. وأما خصوصية عدم الاقتضاء والإلزام فلا أثر لها فيها ، ولعله لذا لم نعهد دليلا يتضمّن الإباحة بالمعنى الأخص ، بل لا نعرف لفظا مختصا بها لغة ، وإنما هي اصطلاح للفقهاء في مقام تقسيم الأحكام.
وما تقدّم من أن تقسيم الأحكام للخمسة عقلي إنما هو بلحاظ وجودها في الجملة ، وإن كان انتزاعيا ، على ما يأتي توضيحه.
ودعوى : أن الملاك لا يخلو عن إحدى الحالات الخمس ، ولازمه جعل
__________________
(١) الوسائل ج ١ ، باب : ٢٥ من أبواب مقدمة العبادات ، حديث : ١ ، وج ١١ ، باب : ٢٩ من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حديث : ٢٠.