الأمر الرابع :بناء على ما تقدّم منا في حقيقة الحكم الاقتضائي يكون وجوده مستندا للحاكم تبعا لخطابه الخاص ، من دون أن يكون مجعولا له اعتبارا بما له من مفهوم اسمي ، نظير الجعل في الوضعيات.
أما بناء على إناطته بالإرادة والكراهة الحقيقيتين ، فإن كان متحدا معهما كان أمرا تكوينيا ليس من أفعال الحاكم ، بل من الكيفيات النفسانية التابعة لأسبابها التكوينية ، كالعلم بالمصلحة والمفسدة ، ونحوه.
وإن كان منتزعا منهما في ظرف إبرازهما بالإنشاء القولي أو الفعلي ـ كما يظهر من بعض الأعيان المحققين (قدس سره) ـ كان أمرا انتزاعيا غير مجعول بنفسه ، ولا بمنشإ انتزاعه ، وإنما يستند للمولى بلحاظ كون أحد جزئي منشأ انتزاعه ـ وهو إبراز الإرادة والكراهة ـ فعلا اختياريا له.
نعم ، يكون أمرا جعليا اعتباريا بناء على ما سبق من بعض الأعاظم (قدس سره) من كونه عبارة عن ما يتبع الإرادة ، وهو إيقاع المادة على المخاطب تشريعا.
ومثله ما سبق من بعض مشايخنا من تقومه بإبراز اعتبار المادة في ذمة المكلف ، حيث يكون كسائر الامور الوضعية ، له نحو من الوجود الاعتباري المقصود بالجعل ممن بيده الاعتبار.
الأمر الخامس : التكليف وإن كان تابعا لفعلية الخطاب به تبعا لفعلية موضوعه ، إلا أن الظاهر بمقتضى المرتكزات العقلائية أن موضوع الإطاعة ، والمعصية والتقرب هو فعلية الغرض بمعنى بلوغه مرتبة الداعوية ، بحيث يهتم المولى بحفظه وإن لم يكن التكليف على طبقه فعليا ، لوجود المانع من فعلية الخطاب به كالعجز عن امتثاله.