وإنما اختلفوا في أن ذلك مستند للوضع أو لغيره ، كما أشرنا إليه آنفا ، فقد استوضح بعض الأعاظم (قدس سره) عدم استناده للوضع ، وإلا لزم أن يكون الاستعمال في غيره مجازا مبنيا على عناية ، وهو باطل بالضرورة.
ومن ثم ادعى أنه مستند إلى سياق الكلام ، لأن ظاهر جعل شيء مقدما وجعل شيء آخر تاليا هو ترتب التالي على المقدم.
ويشكل بأن مجرد تقديم الشيء في الذكر ـ مع أنه لا يطرد في الشرطية ، حيث قد يقدم الجزاء فيها ـ لا يوجب ظهور الكلام في تقدمه ثبوتا ، بل غايته الإشعار به غير البالغ مرتبة الحجية ، فلا بد أن يكون ذلك مختصا بالشرط والجزاء في الجملة الشرطية ، وحيث كان ذلك مستندا ارتكازا لنفس الجملة الشرطية بهيئتها وأداتها فالظاهر انحصار منشئه بالوضع.
وما ذكره من أن لازمه كون الاستعمال في خلاف الترتيب مجازا يظهر الحال فيه مما سبق من قرب ابتناء الاستعمال مع التساوي في الرتبة على الادعاء والتنزيل ، وعدم ثبوت الاستعمال مع عكس الترتيب ، بل هو مستهجن ، وأن ما يوهم ذلك ليس منه في الحقيقة ، وإلا لزم كونه مخالفا لظاهر الشرطية ، للجهة التي ذكرها ، مع وضوح عدم كونه كذلك.
ومن ثمّ كان الظاهر استناد ظهورها في الترتب للوضع ، كما قربه شيخنا الأعظم (قدس سره).
الثالث : كون الترتب بنحو العلية.
وظاهر كلام جملة أن الكلام فيه هو الكلام في أصل الترتب ، حيث لم يفصلوا بينهما. وكأنه لأنه ليس المراد بالعلية هي خصوص العلية التامة ، إذ لا إشكال في صدقها مع كون الشرط جزءاً من العلة في ظرف تحقق بقية